الغرب سيعطي الفلسطينيين دولة اللادولة: الخوف على لبنان
النشرة
تسابق الادارة الاميركية الحالية الوقت، في سبيل ايجاد حل للحرب القائمة على غزة، للاسباب التي باتت معروفة وتم الحديث عنها في اكثر من مناسبة، مع التشديد على ان الهدف لم ولن يكون مصلحة الفلسطينيين او العرب.
الكلام عن قيام دولة فلسطينية عاد الى طريقه نحو الجدية، خصوصاً بعدما صدر عن مسؤولين من العيار الثقيل، ومنهم على سبيل المثال: وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن، ونظيره البريطاني جايمس كاميرون. وعلى قاعدة “اقرأ تفرح، جرّب تحزن”، يبدو ان ما يتم التخطيط له بالنسبة الى هذه الدولة، يملك كل المقومات بالشكل لانهاء المشكلة الفلسطينية، بينما يبقى في المضمون فارغاً من اي مقومات حقيقية لاستمراريتها. ووفق رؤية شخصية مواكبة لمسار الاحداث في المنطقة منذ ثمانينات القرن الماضي، فإن ما يُطرح على الطاولة في هذا المجال يجب ان يُقلق الفلسطينيين والدول العربية المجاورة على حد سواء، لانه سيكون مشكلة اساسية بالنسبة اليهم.
وتشير هذه الشخصية الى ان السرعة في التحضير لقيام هذه الدولة، هدفه في المدى القريب احراج رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والتخلص كلياً من خطر قيامه بخطوات من شأنها التهديد باتساع رقعة الحرب على عكس ما ينادي به الجميع، واعطاء دفعة معنوية كبيرة للمعارضة الاسرائيلية لتشجيعها على انهاء حقبة نتنياهو، مع تسريع استكمال التطبيع مع الدول العربية الباقية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية وقطر، مع كل ما يحمله ذلك من انتعاش لا محدود لاسرائيل و”اغتيال” اقتصادي للدول المجاورة وعلى رأسها لبنان الذي سيفقد الكثير من اهميته الجغرافية بحراً وبراً. ومن الاهداف القريبة ايضاً، تقويض حجم حركة “حماس” التي اكتسبت ضخامة اكبر مما يجب ان تكون عليه بعد عملية “طوفان الاقصى”، عبر دغدغة مشاعر الفلسطينيين باقامة الدولة التي لطالما حلموا بها والواعدة بانهاء “نكبتهم” التي طالت منذ العام 1948 من دون ايجاد حل لها، وارسال رسالة قوية الى المقيمين في الاراضي المحتلة بأن لا مكان بعدها للمقاومة العسكرية.
00:11/02:00
اما عن المدى البعيد للامور، فتشرح الشخصية نفسها ان الحل المقترح لن يصب في مصلحة الفلسطينيين الذين سيُعطون “دولة اللادولة” بمعنى تفريغها من اي عناصر الدولة المتكاملة من شعب وارض ونظام. فعلى صعيد الشعب، سيتم دفن حق العودة بشكل رسمي، ولن يتم الكلام عنه بعد اليوم، وسيتم الاكتفاء بالموجودين حالياً، فيما فلسطينيو الشتات سيُتركون في البلدان التي تستضيفهم او ينتقلون الى امكنة اخرى تكون بعيدة عن دولتهم الجديدة، وهذا دليل على ان عدد سكان الدولة يجب ان يكون محدوداً لاغراض جغرافية وامنية (ترضي اسرائيل). وعلى صعيد الارض، فالمساحة ستكون محدودة جداً، من دون ضم القدس لتكون العاصمة بطبيعة الحال، ومن دون اي تداخل مستقبلي مع الاراضي الاسرائيلية، فيما ستكون المراقبة على النقاط الحدودية على مستوى عال جداً وبمساعدة دولية وعربية لضمان عدم حصول اي خرق، ولا شك ان مساحات كبيرة ستُقتطع من الاراضي الفلسطينية وستتحول إما الى اماكن حدودية فاصلة لا سكن فيها، وإما الى مناطق تحت سيطرة الاسرائيليين لاستغلالها وفق ما يرونه مناسباً. ولكن، ستبقي منافذ يمكن الوصول اليها بحراً اضافة الى المنافذ البرية التي ستكون على الارجح تحت سيطرة الاسرائيليين او القوات الدولية الاجنبية والعربية المتوقع ان تنتشر بعد الاتفاق.
وفي ما خص النظام الذي سيسود في الدولة الفلسطينية، فلن يكون هناك جيش وفق ما تقتضيه شروط اي دولة، انما قوات امنية لفرض الامن والسيطرة عليه، اي قدرات محدودة جداً لا يمكن ان ترقى الى حدود ما تمتلكه المجموعات المسلحة الحالية، ومن المرجح ان تكون لحركة “فتح” السيطرة السياسية المطلقة كما كانت قبل قيام “حماس” وغيرها، وذلك لسهولة التعاطي معها.
هذا باختصار ما تراه الشخصية المواكبة لمسار الاحداث، وتجد فيه خطراً على الدول المجاورة في المنطقة وبالتحديد لبنان، لتضاف بالتالي دولة اللادولة الفلسطينية الى خارطة الشرق الاوسط.