منوعات

إجلاء سرّي لإسرائيليين إلى جزيرة المحرق البحرينية منذ 7 أكتوبر

آلاف المستوطنين تمّ إجلاؤهم منذ السابع من أكتوبر، من مطار “بن غوريون” على متن جسر جوي مفتوح إلى مطار البحرين الدولي، ومنه وعبر وسائل نقل خاصة إلى مساكن في ديار المحرق، وهو مجمّع من 7 جزر اصطناعية يملكها الديوان الملكي، تبعد 10.5 كلم عن شمالي شرقي العاصمة المنامة.

لم تخمد منذ توقيع اتفاقية التطبيع بين البحرين والكيان الإسرائيلي، هواجس الشارع البحريني مما يحاك سرّاً لهذه الجزيرة الخليجية، تارةً تتكشَّف مشاريع التهويد وبيع الأراضي لليهود، وتارةً تغيير المناهج التعليمية بما يتناسب مع التطبيع، وتارةً أخرى تُدسّ البضائع الإسرائيلية في السوق المحلية، إلا أنّ ما حصلت عليه الميادين نت من معلومات ومن مصادر خاصة قد يكون الأخطر حتى اللحظة.

عمليات إجلاء سرية لآلاف الصهاينة تمّت على متن رحلات جوية مباشرة من “تل أبيب” إلى المنامة، حيث نُقل الركاب إلى جزر ديار المحرق المملوكة لملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، في إجراء مشبوه يلفّه الغموض حتى اللحظة، أقدمت عليه الحكومة البحرينية بالتنسيق مع كيان الاحتلال مباشرة بعد عملية طوفان الأقصى، حيث استقبل مطار البحرين الدولي بحسب مصادر خاصة لـلميادين نت ما لا يقلّ عن 17 رحلة نقل خاصة في غضون شهرين.

وعلى الرغم من التعتيم الرسمي وغياب المعطيات حول طبيعة الأشخاص الذين تم إجلاؤهم والذين تبلغ أعدادهم الآلاف، إلا أن بعض مصادرنا تحدّثت عن إجلاء شخصيات صُنِّفت في “المجتمع الإسرائيلي” بالنخب، من عائلات متنفّذين أو مسؤولين إسرائيليين من يهود الغرب (الأشكناز)، وهو إجراء لا يبدو مستغرباً من نظام الأبارتهايد الإسرائيلي، لكن هذه العملية إذا ما تكشّفت فصولها، فستترك الكثير من علامات الاستفهام وسط “الجمهور الإسرائيلي”، حول عودة بروز مظاهر الفصل العنصري والتشظّي الثقافي والاجتماعي في “المجتمع” الصهيوني، والتي أنتجت تاريخاً من الشقاق بين الأعراق.

النائب السابق عن كتلة الوفاق المعارضة جلال فيروز يؤكد في حديث لـلميادين نت أنّ ما كُشف عنه خطير جداً، وربما يشكّل، بحسب فيروز، أخطر ما يمكن مواجهته ضمن مشروع التطبيع، في هذه المرحلة الحساسة التي تمرّ بها المنطقة، ويقول فيروز: “إن المطلوب اليوم إصدار بيان رسمي يوضح طبيعة هذه الرحلات، خصوصاً أنها أتت مباشرةً بعد عملية طوفان الأقصى، ما يترك الكثير من الهواجس حول عمليات الإجلاء، ويثير تساؤلات حول طبيعة الشخصيات التي دخلت أرضنا، وأسباب وضعهم في هذه الجزر”.

وتصرّ الحكومة البحرينية على المضي قدماً في ترسيخ تحالفها مع الكيان المحتل، وفرض التطبيع الرسمي كأمر واقع على المجتمع البحريني، رغم الرفض الشعبي الجامع من مختلف المذاهب والأطياف السياسية.

وفي هذا الإطار، يشير فيروز إلى الريبة من الغموض الذي يكتنف هذا الإجلاء، ويعتبر أن من ضمن مخاطره أنه يكشف “سعياً محموماً ومستمراً وضمن سياق تاريخي من قبل النظام البحريني في التلاعب بالتركيبة الديموغرافية وتغيير الهوية الوطنية”، ويقول: “إن في ذلك جريمة تاريخية يُجمع البحرينيون على رفضها لما تمثّله من اعتداء على تاريخ البحرين وأصالتها وإسلامها وعروبتها وماضيها ومستقبلها”.

وحول مسؤولية المجتمع البحريني يشدّد جلال فيروز على أن “مسؤولية المجتمع هي المراقبة الحثيثة لما تحوكُه العائلة الحاكمة من مخططات مشبوهة، ومقاطعة كلّ المتورطين في مؤامرة التطبيع ومحاولات تغلغله في الأوساط المجتمعية، وعزل هؤلاء اجتماعياً لما يشكّلونه من أخطار جمّة، منها ما هو موثّق كخطّة إفراغ العاصمة البحرينية المنامة تمهيداً لتهويدها، وتحويل أكثر من ثلث الأحياء القديمة إلى حي يهودي عبر شراء مبانٍ ومنازل بأسعار مضاعفة”.

وكانت وسائل إعلام اسرائيلية قد أكدت في شباط/فبراير من العام الماضي شراء الصندوق القومي اليهودي جزيرة في الواجهة البحرية الغربية بمساحة 9554 متراً مربعاً، ونقلت عن مسؤولين في الصندوق قولهم إن الجزيرة يمكن استخدامها كخيار لإجلاء المستوطنين الإسرائيليين في حال وقوع كارثة أو حرب، مع إمكانية نقل السيادة على هذه الجزر أو الأراضي بالكامل إلى الكيان الإسرائيلي.

علماً أن جزيرة الواجهة الغربية ليست نفسها الجزيرة التي يتمّ استخدامها اليوم لاستقبال آلاف المستوطنين، إلا أن هذه العملية أعادت إلى الأذهان مخطط التهويد الذي يكافح البحرينيون من أجل وقف تغلغله، ويُبدون قلقاً كبيراً من التطبيع إلى حد بيع الهوية. فبحسب المعارضة، فإن مشروع التطبيع الذي تديره العائلة الحاكمة في البحرين، يهدف إلى الحصول على شرعية ودعم غربيين، وخصوصاً من الولايات المتحدة، لتثبيت “حكم القبيلة” على حساب العقد الاجتماعي، الذي يقول فيروز إنه “تفكّك وانهار عبر سيطرة عائلة واحدة على السلطة والثروة، وتهميش وإقصاء الشعب، بأطيافه وتوجّهاته كافة، كونه دستورياً هو مصدر السلطات جميعاً”.

ولا يستغرب المتحدّث الرسمي عن حركة الحريات والديمقراطية (حقّ) البحرينية المعارضة عبد الغني خنجر في حديثه لـلميادين نت، المعلومات التي تفيد باستقبال سلطات البحرين آلاف الصهاينة أو حتى توطينهم في إحدى جزر البحرين، ويقول إنه “وبرغم خطورة الأمر ولكنه غير مستغرب من هذه السلطة التي ترتهن في وجودها وشرعيّتها لحماية القواعد الأميركية، وهو أمر خطير يستلزم مواجهة شعبية كبيرة ويجب مقاومته وإسقاطه كمشروع هجين ومولود غير شرعي، يهدّد أمن المنطقة وهوية شعب البحرين ووجوده”.

وفيما يؤكد خنجر أن ما يحدث في البحرين من تطبيع هو خيانةٌ وسلوكٌ غير مشروع، والسلطة التي تستمر فيه هي سلطة فاقدة للشرعية، يقول إنه يجب عدم نسيان أن “شعب البحرين بكل أطيافه يرفض التطبيع مع الكيان الغاصب، ويقف بكل معنى الكلمة مع المقاومة ومع حق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه ومقاومة الاحتلال”.

وختم خنجر بالقول إن “هذه الخطوات التي يشرف على تنفيذها الديوان الملكي في البحرين تساهم في زعزعة الأمن في المنطقة واضطرابه واهتزازه حتى داخل البحرين”؛ وطالب “بضرورة كشف كل تفاصيل محاولات توطين الصهاينة في البحرين”، ودعا إلى رفضه والتظاهر الشعبي الواسع للمطالبة بطرد سفير الكيان الغاصب من البحرين، و”تطهير البحرين من وجود الصهاينة عبر استخدام الوسائل المشروعة كافة”.

يقفز نظام البحرين اليوم على كارثة إنسانية صنفها العالم بغالبيته إبادةً جماعيةً، ويتجاوز تطلعات المجتمع البحريني وموقفه الثابت من نصرة القضية الفلسطينية، مستكملاً فصول العلاقة مع الكيان الغاصب والممتدة منذ عقود خلت، ليكلّل العقد الأخير بتشريع الأبواب للصهاينة، ربما ثمناً للبقاء، ولكن هل يضمن الكيان ومن خلفه الولايات المتحدة الأميركية بعد ملحمة 7 أكتوبر لهم ذلك؟

المصدر : الميادين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى