نتنياهو يستغيث من الجنائية الدولية
في تعليقه على إمكانية المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات توقيف بحق كبار قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين، قال نتنياهو بأن لا سلطة للمحكمة على دولة فلسطين المحتلة. وفي شريط الفيديو الذي توجه به إلى الإسرائيليين قال نتنياهو بأن لا شيئ، بما فيه قرار الجنائية الدولية، سيحول دون إصرار إسرائيل على بلوغ أهدافها في غزة، بما فيها العملية في رفح.
وكالة نوفوستي التي نقلت في 30 المنصرم كلام نتنياهو، أشارت إلى أنه وصف قرار المحكمة المحتمل بأنه “فضيحة ذات أبعاد تاريخية”. وقال بأنها المرة الأولى التي يوجهون فيها الإتهام بجرائم حرب إلى دولة ديموقراطية تقاتل من أجل وجودها وفقاً لكافة المعايير الدولية. وتوجه إلى قادة “العالم الحر” بالقول أن إسرائيل تنتظر منهم الوقوف بحزم ضد هذه “الخطوة الفضيحة” التي ستلحق الضرر بالدفاع عن الذات ليس لدولة فلسطين المحتلة فقط، بل ولجميع الدول الديموقراطية في العالم. ويتوقع من زعماء هذه الدول أن يستخدموا كل الوسائل المتوفرة لديهم للحؤول دون هذه “الخطوة الخطيرة” التي ستمثل إفلاساً أخلاقياً وتاريخياً.
نتنياهو الذي حرص على الإشارة إلى أن لا سلطة للجنائية الدولية على إسرائيل، لم يجد غضاضة في التوجه إلى كل “بلدان العالم الحر” لإنقاذه من خطوة المحكمة التي لم يبخل في نعيها: “الخطوة الفضيحة”، الدراماتيكية، ذات الطابع التاريخي، الأولى في تاريخ العالم الحر، وسواها. ولجأ إلى الرئيس الأميركي بايدن للمساعدة في الحؤول دون إصدار الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه شخصياً وبحق وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي. فقد نقلت صحيفة الحكومة الروسية RG في 30 المنصرم عن موقع Axios الإخباري الأميركي قوله بأن نتنياهو دعا بايدن للتدخل والمساعدة في الحؤول دون صدور مذكرة التوقيف. الأميركيون لم ينتظروا دعوة نتنياهو، إذ حذرت السلطات الأميركية الجنائية الدولية من أنها قد “تثأر” منها في حال إصدار مذكرة توقيف بحق القيادة الإسرائيلية، حسب الموقع الأميركي.
نقل Axios عن رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري مايك جونسون تأكيده بأنه إذا لم تعبر إدارة بايدن عن إعتراضها، بوسع الجنائية الدولية أن تمارس صلاحيات غير مسبوقة بإصدار مذكرات توقيف بحق القادة السياسيين والدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين. ودعا جونسون إلى إستخدام كافة الوسائل للحؤول دون هذا “العمل المقرف”. كما نقل عن برلماني جمهوري لم يذكر إسمه تأكيده بأنه قد بدأ إعداد التدابير للرد على مذكرة توقيف المسؤولين الإسرائيليين في حال صدورها. واقترح رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأميركي Michael McCall فرض عقوبات شخصية على قادة الجنائية الدولية. وطالب النائب الديموقراطي عن كاليفورنيا Brad Sherman بحث مسألة سحب التوقيع عن نظام روما الأساسي الذي تشكلت بموجبه الجنائية الدولية.
موقع eurointegration الأوكراني نقل في 3 الجاري عن مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية دعوته للتوقف عن الضغط على القضاة على خلفية الشائعات حول “مذكرات توقيف إسرائيلية”. ودعا المكتب على موقع المحكمة الرسمية على منصة X إلى الكف عن عرقلة عمل المؤسسة والتهويل على العاملين فيها. وأكد تصريح المحكمة على أهمية إستقلالية المؤسسة وحيادها الذي يتم تقويضه حين يعمد “أفراد إلى التهديد بالثأر من المحكمة والعاملين فيها” بسبب قيامها بواجبها. ويقول المكتب بأنه يصر على أن تتوقف فوراً جميع محاولات عرقلة عمل المحكمة وتخويف العاملين فيها، أو التأثير عليهم بشكل “غير لائق”.
يشير الموقع الأوكراني إلى أن المحكمة لم تحدد من يحاول التدخل في تحقيقاتها. لكن Bloomberg تشير إلى أن القلق يساور الولايات المتحدة وحلفاءها من إمكانية إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق أرفع المسؤولين الإسرائيليين وزعماء حماس. وينقل عن Axios إشارته إلى أن مجموعة من أعضاء الكونغرس الأميركي عقدت قبل يوم من تصريح مكتب الجنائية الدولية لقاءاً عبر الإنترنت مع ممثلي المحكمة للتعبير عن القلق بشأن مذكرات التوقيف المحتملة.
موقع الأعمال الروسي BFM نقل في 30 المنصرم تعليق خبيرين إسرائيليين على إمكانية إصدار الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق القيادات الإسرائيلية.
الصحافي الإسرائيلي Mark Kotlyarsky أشار إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة لم توقعا على نظام روما الأساسي. وبالتالي يرى، من جهة، أن إسرائيل ليست ملزمة بتنفيذ قرار الجنائية الدولية، ومن جهة أخرى، من المثير للقلق صدور مذكرات توقيف بحق مسؤولين رسميين رفيعي المستوى، مثل رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع غالانت والوزير في حكومة الحرب بني غانتس. وقد يشكل هذا نوعاً من الضغط الأخلاقي على إسرائيل لكي تتصرف على نحو أقل تصلباً كما يريد البعض. ويعتبر أن إمكانية صدور المذكرات هو نوع من اللعبة لصالح الولايات المتحدة التي تحوز على ورقة رابحة أخرى. وأشار إلى تصريح الحزبين الديموقراطي والجمهوري في آن واحد، من أنه في حال سمحت الجنائية الدولية لنفسها بإصدار مذكرات توقيف بحق كبار المسؤولين والسياسيين الإسرائيليين، ستتخذ الولايات المتحدة تدابيرها الخاصة.
كما نقل الموقع عن البوليتولوغ والخبير الإسرائيلي في شؤون الأمن والشرق الأوسط Simon Tsipis قوله بأن إصدار مذكرات التوقيف لن يكون له سوى أثر واحد يتعلق بانتفاء إمكانية القيام بزيارات للبلدان الموقعة على هذه المذكرات. لكنه لا يرى في ذلك خسارة كبيرة، لأنه من وجهة نظر دبلوماسية سيظل الشخص الذي تطاوله المذكرة يتمتع بالحصانة وحرية الحركة في جميع أنحاء العالم. ويعتقد أنه في حال صدور مذكرات التوقيف سوف ينشط اللوبي الإسرائيلي ويرفع مستوى ضغطه، وستحاول الولايات المتحدة إتخاذ خطوات ما ضد المحكمة الجنائية الدولية. ويرى أن الأمر لن يصل إلى هذا الحد، وذلك لأن نتنياهو لن يصمد أمام هذا الضغط، وسيقدم على تنازلات ويعقد صفقة مع حماس، وتلغى مذكرة التوقيف بحقه.
موقع Meduza الروسي المعارض رأى في نص نشره مطلع الشهر الجاري أن المحكمة الجنائية الدولية تضع نتنياهو على قدم المساواة مع عمر البشير وفلاديمير بوتين. قال الموقع أن قناة التلفزة الإسرائيلية 12 كانت أول من تحدث في أواسط الشهر المنصرم عن إمكانية إصدار الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى. ونقل عن القناة عينها قولها بأن نتنياهو ما أن اطلع على الخطط المحتملة للمحكمة، حتى سارع إلى عقد لقاء مع وزير الامن الإستراتيجي رون ديرمر ووزير العدل ياريف ليفين ووزير الخارجية إسرائيل كاتس، وذلك لطلب المساعدة من الحلفاء الغربيين. كما ناقش نتنياهو مسألة إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف مع مسؤولين بريطانيين وألمان كانوا في زيارة لإسرائيل.
تحدث الموقع عن تتابع ظهور تفاصيل جدبدة إضافية في مواقع الإعلام الغربية المختلفة، والتي أفادت أن مذكرات التوقيف يمكن أن تشمل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي. كما تشير معلومات المواقع الإعلامية إلى أن المحكمة الجنائية تبحث في إصدار مذكرات توقيف بحق قادة حماس، لكن من دون أن تذكر أسماءهم.
يشير الموقع إلى أن مواقع الإعلام الغربية لم تتمكن من الحصول على معلومات أخرى إضافة إلى تلك التي شاعت حتى مطلع الجاري. وبقيت حتى ذلك الحين مجهولة الأسس التي تستند إليها مذكرات التوقيف. وافترضت مصادر بعض وسائل الإعلام الغربية أن سبب إصدار المذكرات هو إتهام القيادة الإسرائيلية في عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وليس عدد ضحايا العمليات الحربية الإسرائيلية.
المصدر: المدن