وبعد كل ما تقدّم، أفادت قناة “13” العبرية بأن مكتب نتنياهو حاول مؤخّراً تنسيق اتصال له مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولكن تمّ رفضه من قبل الرئاسة المصرية.
الخبير في شؤون الأمن القومي المصري، محمد مخلوف، يرى أنّ “عدم ردّ السيسي، على اتصال رئيس وزراء الاحتلال يؤكد أن مصر تردّ بصفعة ومن دون كلام على الكيان المحتل”.
الموقف المصري، تزامن مع قلق القاهرة بعد تهديد إثيوبيا للصومال، من زاوية الاعتراف باستقلال منطقة “أرض الصومال” ضمن اتفاق سيتيح لأديس أبابا الاستفادة من ميناء بحري.
التفاف إسرائيلي إثيوبي؟
هل لمست القيادة المصرية “التفافاً إسرائيلياً – إثيوبياً”، جعل السيسي يطلق تحذيره اللافت، قائلاً في مؤتمر صحافي مع نظيره الصومالي، حسن شيخ محمود، في القاهرة “مصر لن تسمح لأحد بتهديدها أو المساس بأمنها… محدّشْ (لا أحد) يجرّب مصر ويحاول يهدّد أشقاءها خاصة لو طلبوا منها التدخّل”.
وأعلنت منطقة “أرض الصومال” استقلالها عن الصومال، عام 1991، لكنها لم تحظَ باعتراف دولي.
ووقّعت “أرض الصومال” وإثيوبيا مذكّرة تفاهم في الأول من كانون الثاني/يناير تنصّ على السماح لأديس أبابا باستئجار ميناء على البحر الأحمر، ولكن لم توضع بعد اللمسات النهائية عليها حتى الآن.
يعي المصريون، بحسب معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أنّ حجّة نقص التنمية في دول أفريقيا جنوب الصحراء فتح الباب أمام “إسرائيل” كي تكون موجودة في تلك الدول من خلال تزويدها بالإرشاد والدعم. وبالفعل تجمع أديس أبابا وتل أبيب علاقات وطيدة منذ تسعينيات القرن العشرين، وازداد التعاون بينهما في مجالات الزراعة والأمن والصحة العامة وغيرها. فأثارت هذه العلاقة الشكوك في أوساط السياسات المصرية.
ومن أبرز النتائج التي توصّل إليها تقرير صادر عن المركز المصري للدراسات الاستراتيجية عام 2019، أن معظم شركات الاستثمار والزراعة الإسرائيلية العاملة في إثيوبيا “تملك خلفيّة استخباراتية”.
ترحيب “حماس” بالخطوات المصرية
ما لفت إثر التصريحات المصرية، هو كلام المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس طاهر النونو الذي قال إن “الحركة تثمّن موقف مصر الشقيقة من تهديدات الاحتلال بشأن محور صلاح الدين (فيلادلفيا)، والذي يعبّر عن أهمية الدور المصري وتأثيره في دعم وإسناد شعبنا الفلسطيني في هذه المعركة التاريخية ووقف العدوان الغاشم الذي يتعرّض له شعبنا خاصة في غزة”.
اللواء عبد المنعم للميادين نت: الخطوة الإسرائيلية لن تمرّ بخير
ذكّر الباحث المصري في شؤون الأمن القومي أحمد رفعت برسالة الرئيس المصري، خلال حديثه عن نصر أكتوبر، تزامناً مع الحديث عن “السيطرة على محور فلادلفيا”.
وقال رفعت إن الرئيس المصري قال ذات يوم: “الجيش اللي عملها مرة قادر يعملها كلّ مرة”، موضحاً أن الجيش الموجود حالياً متطوّر بشكلٍ يختلف تماماً عن جيش أكتوبر 73، ويجب الإيمان بمقولة إنّ الردع يوفّر الكثير”.
في المضمار نفسه يقول الخبير الاستراتيجي والسياسي اللواء ممدوح عبد المنعم، للميادين نت إنّ “أيّ محاولات إسرائيلية لاحتلال محور فيلادلفيا ستواجه بقمع شديد وهي لن تمرّ بخير، والقيادة المصرية أبلغت الأميركيين بذلك”.
وإذ يرى أنّ ما ذاقته “إسرائيل” في عدوانها على لبنان 2006، وفي غزة عام 2014، سيؤخذ بعين الحسبان، مؤكداً أن المقاومة في فلسطين وغيرها تدرّجت من الحجارة إلى الصاروخ، كما أن لبنان استطاع بظروف أقلّ آنذاك أن يهزم العدو، كما أنه يصعب على “إسرائيل” والغرب مواجهة اليمن، الذي لم يتمكّن أيّ غازٍ من دخوله”.
إشارات مصرية لافتة
ويكشف أن الرئيس المصري نشر قوات عند “فيلادلفيا”، لا بل ذهب وفي خطوة رمزية إلى استعراض عديد الفرقة الرابعة (الصورة)، مُصدراً الأوامر والتعليمات بالتنسيق والاستعداد للسيناريوهات كافة”.
“لا يمكن للإسرائيلي دخول هذا الخط، والكلمة المصرية قدّ الفعل، وهي قد توازي حرب أكتوبر وأكثر”، بحسب عبد المنعم.
وهنا يذكّر أن الرئيس المصري وبعد “ثورة 25 يناير” يعمل على إعادة بناء وتقوية الجيش، وهو لم يترك دولةً في العالم إلّا وقصدها لأجل تسليح الجيش المصري، وعلى رأس هذه الدول روسيا وباكستان وغيرها… نافضاً الغبار عن “السلام النائم” وليس “الدائم”.
يذكر أن الرئيسين فلاديمير بوتين وعبد الفتاح السيسي افتتحا منذ أيّام المفاعل النووي “الفولاذي” الذي بنته روسيا في مصر.
ووقعت مصر وروسيا في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 اتفاق تعاون لإنشاء محطة للطاقة الكهرذرية بكلفة استثمارية بلغت 25 مليار دولار قدمتها روسيا قرضا حكوميا ميسّرا للقاهرة.
وفي ردٍّ على سؤال قال إنّ ما يجري من قبل الإسرائيليين هو نوعٌ من “التحرّش” بمصر من الصومال إلى إثيوبيا، فقوات الدعم السريع في السودان من أجل إضعاف القيادة، وهو كان يقابل بضبط نفس، وأيضاً كانت مصر واعية جداً حتى في موضوع قناة السويس، فرفضت الاشتراك في مجموعات وتحالفات.
وإذ يرى أنه بما أن مصر متكئة إلى “اتفاقية كامب ديفيد” بخصوص معبر رفح، بضمانة أميركية فقد “وقع الإسرائيليون في المأزق”، بعد تهديدهم باحتلال المعبر.
وحول دور مصر الذي يوصّفه البعض بـ “الضعيف، أو غير الكافي” كدولة وحيدة تملك معبراً مع قطاع غزة يرد قائلاً: “مصر مع القضية الفلسطينية منذ عام 1948، وهي رغم الضغط الإسرائيلي، والظروف الأخرى تعمل على إدخال المساعدات وبشكلٍ فوري وهي لا تخضع لشروط الاحتلال، بل للشروط المصرية، وأريد أن أذكّر أن جهود الحكومة والشعب متضافرة لمساعدة الأهالي في غزة، رغم التضييق والظروف الصعبة”.
وأخيراً يؤكد اللواء الخبير في الشؤون الاستراتيجية أن تهجير الفلسطينيين من أهل غزة إلى شبه جزيرة سيناء، كما يحاول العدو القيام به، لن يتم ولن يسمح له مصرياً أن يجري، كلمة القيادة المصرية واضحة في هذا المضمار، وهي تتصدّى له في الوقت المناسب”.
المصدر : الميادين