منوعات

ارتكابات جنود الاحتلال فاقت التوقعات..من يحاكم هؤلاء؟

مجرمون، قاتلون، مارقون، شتشهد البشرية جمعاء، ويكتب التاريخ،  أن شعباً فلسطينياً جباراً هزم أعتى آلة حرب إسرائيلية خلفها الولايات المتحدة ودول غربية كبرى، سيدوّن شرفاء العالم ارتكاباتهم من مجازر وحصار وتجويع وخطف للمرضى والجرحى من المستشفيات.

جنود وضباط الاحتلال لم يكتفوا بالقتل والقصف بالأسلحة المحرمة دولياً في غزة، و لم يكفِهم استهدافهم القطاع الذي لا تتعدى مساحته الـ 365 كلم2 بمقدار قوة القنابل الذرية التي ألقتها واشنطن على “هيروشيما” و”ناغازاكي” في اليابان.

هذا الجيش الذي ضرب عرض الحائط، بشرعة حقوق الإنسان والمواثيق والاتفاقات الدولية، مستمر في غييّه، فوسفوري وحارق، مجازر ومذابح تندى لها الجباه،  قصف واقتحام وتدمير للمستشفيات والحضانات والمدارس والكنائس والمساجد، استهداف ممنهج بقطع المياه والطعام والدواء عن المرضى والجرحى والأطفال والشيوخ والنساء.

لم تعرف البشرية حديثاً إجراماً بهذه الوحشية، وصولاً إلى  دَرك أقذع المخلوقات، ففي التقييم السيكولوجي، بحسب ما شرحت الاختصاصية والمعالجة النفسية إيمان طرّاف للميادين نت:  “قد ترتبط هذه التصرفات أيضاً، وبالإضافة إلى تعمّد الشر والقتل وارتكاب الموبقات، بانعدام القيم والأخلاق والإجرام المفرط والسادية،  بينما يمكن أن يكون الغضب والإحباط وراء بعض التصرفات العنيفة، حيث يعبّر الأفراد عن استياءهم (من المشاركة في  الحرب) بطرقٍ غير ملائمة”.

فلنقارن: رجال المقاومة الذين سطّروا ملحمة “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، اضطروا و لأسباب عسكرية إلى دخول منازل مدنيين إسرائيليين، لكنهم استحوذوا على قلب الرأي العام العالمي بدماثة أخلاقهم ورأفتهم وتسامحهم ورفقهم، وذلك كله بشهادة المستوطنين أنفسهم.

وعلاوة على ذلك، بان أيضاً خيط المقاومين الناصع الأبيض من كلاحة سلوك جيش الاحتلال الأسود، خلال تنفيذ اتفاق تسليم الأسرى والرهائن مع مقاتلي “حماس” و”الجهاد”.

وهنا تقول طراف “من المهم ملاحظة أن تجربة الأسر يمكن أن تختلف بشكلٍ كبير اعتماداً على الظروف المحددة والمعاملة والديناميات بين الخاطفين والأسرى، وهنا من الممكن أن تعطي المقاومة الأولوية لبعض الاعتبارات النفسية التي تهدف إلى بناء علاقة مع الأسرى أو خلق شعور بالتعاطف.  ويمكن أن يشمل ذلك تلبية الاحتياجات الأساسية، وتوفير التعزيز الإيجابي، وتعزيز الشعور بالسلامة النفسية”.

“ألا يكفي أنهم يأخذون أحبابنا وبيوتنا وعائلاتنا وحتى موسيقانا وذكرياتنا؟ أين يتوقف الظلم؟!”.، بهذه الكلمات المفعمة بالألم والقهر كشف الشاب حمادة نصر الله، وهو  عازف موسيقي فلسطيني في منشور له على منصة “إنستغرام”، حين أكد أن الجيتار الذي ظهر يعزف عليه أحد الجنود على ركام البيوت يعود له.

وأكد حمادة أنّها “الذكرى الأخيرة” من والده المتوفى عام 2014، فيما سارع الجندي إلى حذف المقطع من حسابه.

هذا المشهد غيضٌ من فيضٍ، ممّا يقوم به جنود الاحتلال من سرقات بيوت الغزيين بعد أن يعيثوا فيها فساداً وذلك باعتراف صحيفة “يديعوت أحرونوت” ، التي كشفت صراحة عمّا يسمّى بـ  “وحدة الغنائم” في شعبة “التكنولوجيا واللوجستيات” بالجيش والتي صادرت الأموال التي تم ضبطها، من بين أمور أخرى في منازل الغزيّين.

وفي السياق، أكدت الصحيفة العبرية أنّ “جيش الاحتلال الإسرائيلي استولى على 5 ملايين شيكل، تم تحويلها إلى القسم المالي بوزارة الدفاع”.

وهكذا بعد أكثر من 80 يوماً على القصف والاعتداءات على غزة، الأمر الذي أدى لاستشهاد نحو 20 ألف فلسطيني  وإصابة أكثر من 50 ألفاً آخرين، فضلاً عن الدمار الواسع الذي لحق بالقطاع الفلسطيني المحاصر، لا يقف الأمر عند هذا الحد، فيزيد الاحتلال فجاجته وإجرامه عبر “السرقة الممنهجة”  و”الغطرسة المرَضية”.

ليس هذا فحسب، بل يواصل جنود الاحتلال التدمير والتخريب لكل شيء يمكن أن يوفر فرصة حياة لأهل غزة، وفي مقطع آخر يوثّق حجم الإجرام، يظهر جندي إسرائيلي يقوم بتدمير مكتبة فلسطينية في مخيم جباليا في قطاع غزة، بينما كان الجنود الآخرون يضحكون في الخلفية بعنجهية عالية.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فكل شيء أصبح مستباحاً لجنود العدو في غزة، فالحليّ والمجوهرات، والدراجات والسيارات وكل ما يمكن أن يتمّ الانتفاع به يتباهى جنود الاحتلال بسرقته، ويطلقون لأنفهم العنان بالاحتفال بذلك ويوثقون جرائمهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ولم يقف الأمر على سرقة الفلسطينيين بل تحدث تقرير مثير للجدل نشره موقع “ذا ماركر” العبري عن سرقة جنود إسرائيليين لبيوت المستوطنين الذين تركوها في النقب الغربي وفي مستوطنات غلاف غزة.

‏ويقول مستوطن إسرائيلي للموقع العبري المذكور “لقد أفرغوا كل أدراجي” يقصد جيش الاحتلال”، ويضيف “إن بيوت المهجرين من الجنوب تركت مفتوحة للعبث والسرقة”.

كما أظهرت فيديوهات جنود ينهبون متجراً لألعاب الأطفال في مخيم جباليا شمالي غزة، حيث حطم جندي بعض الألعاب، وقطع رأس تمثال بلاستيكي.

وظهر الضابط من كتيبة الهندسة القتالية 271، يفجّر مبنى بأكمله في غزة في المقطع المصور وهو يقول: “أهدي هذا التفجير لابنتي “إيلا” بمناسبة عيد ميلادها الثاني”.

شبكة cnn نشرت تقريراً في 15 كانون الأول/ ديسمبر الحالي  قالت فيه ” ينظر الجندي الإسرائيلي مباشرة إلى الكاميرا، ثم يستدير ويشعل النار في كومة من الإمدادات الغذائية”.

وعكَست هذه الأفعال مستوى صادم من الاعتلال النفسي، وبان الجيش “فاشياً” بلا أخلاق مع سبق الإصرار، فلجوء جنود الاحتلال إلى العنف وارتكاب المجازر وممارسة السرقة والتخريب يمكن تفسيره بعدة عوامل، وفق كلام طرّاف للميادين نت، ويمكن أن “يكون أحد العوامل هو وجود التحيزات المعرفية مثل التجريد من الإنسانية وعقلية الجماعة/ المجموعة الخارجية”.

وتعقّب “ينظر هؤلاء الجنود المرتعبون إلى المقاومة على أنها تهديد، فيقومون بتجريد كل من يروهم من إنسانيتهم، ما يجعل من الأسهل تبرير أعمال العنف.

وإذّ تقول إن “سيطرة الرعب والخوف على وجوه وتصرفات الجنود، يظهر على الرغم من تسليحهم بأسلحة وأجهزة اتصالات متطورة”، ترى أنه “يمكن تفسيرها بالظاهرة النفسية التي تثير الخوف وما قد يترتب على ذلك من عواقب ضارة في المواقف القتالية”.

وفي السياق، لم تستطع قيادة الاحتلال لجم هذه الحالات الاجرامية فأكدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أنّ ما يُدعى بـ “قسم التأهيل في جيش الاحتلال الإسرائيلي”، قرّر “إطلاق برنامج لمساعدة الجنود الذين يعانون من الاضطرابات النفسية بسبب الحرب في غزة”.

في السياق، تقول طرّاف إنه “حتى الجنود المدربين جيداً يمكن أن يشعروا بالخوف بسبب عدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ بما سيحصل على أرض المعركة، وهم في غزة يواجهون مقاومة شرسة توقع بهم الخسائر اليومية، فهناك:

-العوامل البيولوجية والتطورية الخوف والرعب، وهما استجابات طبيعية للمواقف التي تهدد الحياة.  وعلى الرغم من امتلاكهم للأسلحة والدعم المتقدمين، لا يزال الجنود عرضة للإصابة أو الموت بسبب ضعفهم الشخصي مقابل مقاتلي المقاومة، ما قد يؤدي إلى استجابة الخوف.

– الضغط النفسي والصدمات النفسية:  وهذا يمكن أن يؤدي إلى تطور الاضطرابات النفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، ما يجعل الرعب والخوف استجابة شائعة.

وفي إطار التوتر النفسي، قام الجنود الإسرائيليون بقتل رفاقهم عن طريق الخطأ، فضلاً عن قتل أسراهم، وهنا  قد يفسر ذلك  بسبب الارتباك والضياع من الناحية النفسية.

واليوم الأربعاء، أورد موقع القناة 12 أن جندياً في الكتيبة 890 عاد من غزة، واستيقظ من كابوس في منتجع في عسقلان وأطلق النار في الغرفة وأصاب بعض الجنود.

وتحلل الخبيرة طراف ذلك بقولها “في حالات التعرّض المستمر للتوتر النفسي والصدمة والمشاركة في الحرب من دون قناعة، قد يحدث انهيار نفسي يؤدي إلى حالات ذهانية أو انفصال عن الواقع. يمكن أن تظهر أعراض الذهان، مثل الهلوسات والأفكار الهوسية، وتشويش في التفكير وفقدان القدرة على التمييز بين الواقع والخيال”.

وفي النهاية، نكرر أن ما يرتكبه ضباط وجنود الاحتلال من مجازر وإبادة إنسانية وعمليات خطف وتعذيب بأوامر واضحة من حكومتهم، ناهيكم عمّا ورد في التقرير، هو السبب الرئيسي في اليقين أن المقاومة التي تتمثل في غزة اليوم، عبر ملحمة “طوفان الأقصى” وفي الضفة الغربية والقدس وغيرها، هي الرد الحاسم.. وقد عرف العالم والرأي العام أن هؤلاء مارقون لم يعرف التاريخ البشري إجرامهم.. وسيحاكمون يوماً ما عبر محكمة التاريخ.

المصدر : الميادين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى