منوعات

الاحتلال يهرب للأمام:نقاش ما بعد الحرب..وخطوط الإمداد مقطوعة

يتعاظم غموض هدف إسرائيل من حربها على غزة بالنظر إلى التناقض الحاصل بين تعقيدات الميدان أمام جيشها على وقع تصاعد خسائره البشرية والمادية من ناحية، وبين الإصرار على الغاية النهائية وخطة ما بعد الحرب من ناحية ثانية.
فبعد تجاوز العدوان شهره الثاني، ما زال القتال البري ضارياً في شمالي القطاع وجنوبه، إذ أعلن الاحتلال عن مزيد من ضباطه وجنوده القتلى من اللواء الخامس في خانيونس جنوباً، إضافة إلى خسائره شمالاً.

إنزال إمدادات

وكإشارة أخرى على صعوبة العملية البرية، رصدت “المدن” إفادة عسكرية لتلفزيون “مكان” العبري، مفادها أن القوات الإسرائيلية اضطرت لإنزال نحو سبعة أطنان من العتاد العسكري في منطقة خانيونس جواً، لتوفير الدعم اللوجستي للقوات المتوغلة. وهو أمر يدلّ على معوقات تعترض إيصاله براً، وهذه المرة الأولى منذ حرب لبنان الثانية قبل 17 عاماً التي يستخدم فيها الاحتلال طريقة الإنزال الجوي لعتاده.
وبينما تدور اشتباكات ضارية في شوارع خانيونس وأزقتها مع خنقها الكامل، ادعى جيش الاحتلال دخوله مناطق جديدة فيها، مستخدماً قناصة وطائرات مسيّرة لمراقبة واستهداف كل ما يتحرك فيها. كما زعم الجيش حاجته إلى أيام لإحكام سيطرته على شمالي القطاع.
وألمحت قراءات عبرية إلى مساعي الجيش إنجاز ما يمكن إنجازه من خلال التوغل البري الجاري، وسيُبقي أمورا أخرى لتُعالج في عمليات جوية وبرية خاطفة في مرحلة لاحقة.

نقاشات المرحلة اللاحقة

ويبدو أن خسائر التوغل الكبيرة دفعت الجيش الإسرائيلي لتعجيل نقاشه لما بعد المرحلة الحالية “العنيفة”، وتحديداً تفاصيل المرحلة التالية “الضامنة” لاستمرار “المعالجة الأمنية” ضمن معادلة “ضربات فاعلة، وخسائر أقل”.
وقال رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الاثنين، إن بلاده ستكون وحدها المسؤولة عن الأمن في غزة بعد الحرب، معبراً عن رفضه أيضاً فكرة سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع.
وأضاف نتنياهو خلال اجتماعه بلجنة الدفاع والشؤون الخارجية بالكنيست، إن “الفرق بين حماس والسلطة الفلسطينية أن حماس تريد تدميرنا الآن، والسلطة الفلسطينية تريد أن تفعل ذلك على مراحل”. وتابع: “حماس لا تسمح لأحد بمغادرة غزة، ونحن سنسمح بذلك بعد تولي مسؤولية القطاع”.
وقالت هيئة البث الاسرائيلية إن قيادة الجيش بدأت بدراسة إمكانية نشر “الدفاعات الموكلة لفرقة غزة لدى الجيش”. ومن المقترحات المطروحة لأول مرة على طاولة النقاش، إنشاء قوة جديدة إضافية، وربما لواء موسع يتولى المسؤولية على أراضي قطاع غزة بعد انتهاء العملية البرية، وإنهاء القتال الميداني الذي تديره حاليا قيادة المنطقة الجنوبية.
ووفق هيئة البث العبرية، بعد الانتهاء من المواجهات الميدانية “العنيفة”، يستعد الجيش لأشهر تالية لهذه المرحلة، سيشن خلالها من حين لآخر غارات وعمليات محددة، مع العمل على إنشاء هيئة تدير عمليات غزة اللاحقة، كجزء من فرقة أو حتى لواء إضافي.
ويبدو أن شكلها سيكون مشابها للمتبع في الضفة الغربية، على غرار الألوية الإقليمية التي تنفذ عمليات محددة ضد المسلحين والبنى التحتية العسكرية.
لا قرار نهائي

بيدَ أنه رغم بحث الموضوع من قبل القيادة العسكرية الإسرائيلية، لم يُتخذ قرار نهائي بشأن القضية، وفق الإفادات العبرية، وقد يؤشر ذلك إلى تردد وخلافات في الأروقة العسكرية والسياسية.
ويقدر جيش الاحتلال أن عام 2024 عنوانه “عام المواجهات”، وأن جميع كتائبه الاحتياط ستكون مطلوبة لمدة لا تقل عن شهر من القتال في أحد القطاعات، كما يُتوقع أن تقاتل الوحدات النظامية بدلاً من خوض التدريبات. وبالمحصلة، سيواصل جيش الاحتلال القتال في غزة بأساليب مختلفة خلال العام الجديد، وأيضا تموضع قواته على الحدود الشمالية مع لبنان وسوريا.
ووفق النقاشات كذلك، لا يستبعد الجيش الإسرائيلي بعد انتهاء العملية العسكرية في شمال القطاع وخانيونس، أن يحتاج إلى إجراء عمليات مماثلة في مناطق أخرى من القطاع، كمنطقة المخيمات الوسطى مثل النصيرات والبريج، ورفح جنوباً.
لكنّ التناقض الإسرائيلي يتجلى بتوقيت المرحلة الحالية، وربما ضبابية مقصودة بشأن توقيتها في سياق الحرب النفسية على “حماس”؛ إذ تدعي تقييمات عسكرية إسرائيلية أن هذه المرحلة “ستستغرق وقتاً طويلاً بهدف خفض مستوى مقاومة حماس ميدانياً”. وبعدها تأتي المرحلة التالية للقتال؛ لخلق سيطرة ميدانية في القطاع، وتنفيذ عمليات هجومية براً وجواً، بموازاة تهيئة الظروف ل”عودة السكان الإسرائيليين إلى بلداتهم المحاذية للقطاع”.
بدوره، قدر مصدر من “حماس” ل”المدن”، سيناريوهين لموعد نهاية الشكل الحالي للحرب: الأول أواخر كانون الأول/ديسمبر، وبدء مفاوضات الصفقة الكبيرة، والثاني مواصلة الحرب حتى نهاية كانون الثاني/يناير، للضغط على “حماس” أكثر.
المصدر : المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى