حول العالم

“يديعوت أحرونوت”: هل تحولت “إسرائيل” إلى عبءٍ على واشنطن بعد هجمات 7 أكتوبر؟

تحدّثت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، في تقرير، عن سير “إسرائيل” الآن على حبل رفيع يفصل بين كونها “ذخراً استراتيجياً” أو عبئاً بالنسبة إلى واشنطن، وذلك بعد الضربة القاسية التي تلقتها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الجاري.

تحدّثت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في تقرير لمدير مركز الدراسات الأميركية في جامعة “تل أبيب”، يوآف فرومر، عن الهجمة التي تلقّتها “إسرائيل” في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، واحتمال توسّع الحرب في إثر ذلك، ما جعلها تبدو في عيون الأميركيين بأنّها بحاجة إلى الإنقاذ، وليس فقط الدعم، الأمر الذي قد “يُفقدها شرعيتها الاستراتيجية في واشنطن بتحولها إلى عبء عليها”.

وفي ما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية: 

من المفارقات أنّ الدعم الأميركي كان دائماً يعتمد على فرضية أن “إسرائيل” لا تحتاج إلى إنقاذ، لكنّها الآن تسير على حبل رفيع يفصل بين كونها “ذخراً استراتيجيا أو عبئاً”.

في ساعات المحنة، كان الرئيس الأميركي السابق، ريتشارد نيكسون، معتاداً على التجول في قاعات البيت الأبيض بحثاً عن ضحية يشاهد معها للمرة الألف فيلمه المحبوب “باتون 1970″، عن حياة بطل الحرب العالمية الثانية الجنرال جورج باتون.

يقول كتّاب السيرة الذاتية، إنّ سبب الهوس يكمن في المشهد الافتتاحي حيث يعلن باتون أنّ “الأميركيين يحبون الفائزين، ولن يتحمّلوا الخاسرين”.

من نواحٍ كثيرة، كان نيكسون رئيساً استثنائياً في سلوكه، لكن فيما يتعلق بـ”إسرائيل”، كان الاعتقاد المطلق بأنّها “فائزة”، هو الذي يملي دائماً الدعم الاستراتيجي الأميركي لها.

لذلك، من الضروري أيضاً فهم الآثار البعيدة المدى لزيارة الرئيس جو بايدن إلى “إسرائيل” والعناق الأميركي الحار منذ بداية الحرب في غزة. ففي المدى الزمني المباشر، ليس هناك شك في أنّ هذا دليل على إظهار صداقة رائعة، تُثبت، إلى جانب إرسال حاملات طائرات إلى المنطقة، درجة الاهتمام والالتزام بأمن “إسرائيل”.

لكن على المدى الطويل، تقف العلاقات الخاصة عند مفترق طرق مصيري، لأنّ الدعم الأميركي، للمفارقة، كان يقوم دائماً على فرضية أساسية بأن “إسرائيل” لا تحتاج إلى دعم. بعبارة أخرى، سيكون كافياً منحها الوسائل للقتال وستنتصر بقواها الذاتية.

إنّ هجوم حماس في 7 تشرين أول/أكتوبر، واحتمال نشوب حرب مع حزب الله وإيران يهدد الآن بتعطيل المعادلة، وخطر ذلك واضح، إذا بدت “إسرائيل” في عيون الأميركيين بأنّها بحاجة إلى الإنقاذ – وليس فقط الدعم – فإنّها ستفقد شرعيتها الاستراتيجية في واشنطن وتتحول إلى عبء.

على الرغم من كل الكلام بشأن القيم المشتركة التي تربط بين الطرفين، فإنّ تطوير العلاقات وتعزيزها يرتبطان ارتباطاً مباشراً بالتعزيز الجيوسياسي لـ”إسرائيل”.

ويُذكر هنا أنّه خلال المناقشات في قيادة الإدارة الأميركية قبل الإعلان عن قيام “إسرائيل” في سنة 1948، طُرح السؤال: من سيحمي “الدولة” الضعيفة إذا كانت غير قادرة على الدفاع عن نفسها؟ لم يعتقد الكثيرون في واشنطن أنّ “إسرائيل” ستبقى على قيد الحياة، وبالتالي كانوا يخشون أن يضطر جنود أميركيون في النهاية إلى الدفاع عنها.

كلّما أثبتت “إسرائيل” قوتها على مر السنين، كلّما خمدت الأصوات في الولايات المتحدة التي عارضت تعزيز العلاقات وبدأت تعتبرها رصيداً استراتيجياً في الحرب الباردة.

ساعدت عملية سيناء وحرب الأيام الستة واستعداد “إسرائيل” للتدخل خلال أحداث أيلول/سبتمبر الأسود وعملية “عينتيبي” على ترسيخ صورة “إسرائيل” كفائزة في عيون الأميركيين، مما أثبت ليس فقط أنّ الولايات المتحدة لديها من تعتمد عليها، بل وبشكل أساسي أنّه يمكن الاعتماد عليها لإنجاز العمل بقواها الذاتية.

كل من يعرف المحادثات الدبلوماسية العاجلة خلال الأسبوع الأول من حرب “يوم الغفران”، يعرف إلى أي مدى سارت “إسرائيل” على حبل رفيع تجاه الأميركيين. من ناحية، كان عليها أن تُظهر الثقة في انتصارها، ومن ناحية أخرى أن تعكس خطورة الوضع من أجل الحصول على الأسلحة الضرورية لتحقيق هذا النصر بقواها الذاتية.

إنّ ذلك هو ما يميز “إسرائيل” عن حلفاء الولايات المتحدة الآخرين. وعلى عكس اليابان أو كوريا الجنوبية أو تايوان أو دول الناتو، لم تكن “إسرائيل” بحاجة أبداً إلى مظلة نووية أو قوات أميركية للدفاع عن أراضيها. وهي اعتُبرت، كما وصفها وزير خارجية ريغان ألكسندر هيغ ذات مرة، “أكبر حاملة طائرات أميركية في العالم، لا يمكن إغراقها”.

في الأسابيع الأخيرة، تلقت “حاملة الطائرات” نفسها ضربة مباشرة، ونتيجة لذلك، تواجه “إسرائيل” اليوم معضلة “Catch-22” (المعضلة 22 هي حالة لا يستطيع الفرد الهروب منها بسبب قواعد أو قيود متناقضة). وإذا تبدّت بالفعل، لأول مرة في التاريخ، بأنّها بحاجة إلى الولايات المتحدة لإنقاذها، أو على الأقل مساعدتها في الدفاع عن نفسها ضد حزب الله، فقد تتأكّل فائدتها الاستراتيجية في نظر الكثير من الأميركيين.

في المقابل، ومن دون نفس التدخل العسكري، ليس من المؤكد أنّها ستكون قادرة على الخروج من مواجهة متعددة الساحات ويدها هي العليا.

لذلك، من المهم أن نفهم أنّ الولايات المتحدة لا تحتاج إلى المزيد من الدول التي تعتمد عليها. فهناك ما يكفي في آسيا وأوروبا والخليج، بل تحتاج واشنطن إلى حليفة إقليمية يمكنها الانتصار بقواها الذاتية.

في الخلاصة، فإنّ الحدود الفاصلة بين الشراكة والاعتماد الاستراتيجي رفيعة. ممنوع على “إسرائيل” أن تُنهي هذه الحرب من دون أن توضح للولايات المتحدة أنّها كانت ولا تزال شريكة.

المصدر : الميادين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى