حول العالم

العطلة الإجبارية والعمل عن بعد في صناعات الشمال: شركات التكنولوجيا الإسرائيلية بين الإغلاق والإفلاس والتقليص

على هامش النقاش السياسي والأمني المتصل بالعدوان على غزة ولبنان، برزت إلى السطح نقاشات مكثّفة حول الانعكاسات السلبية للحرب على اقتصاد كيان العدو، حيث ترتفع يوماً بعد يوم الأصوات المحذّرة من تعرض الاقتصاد لانكماش، خصوصاً في القطاعات التي شهدت قفزة هائلة في النمو خلال العقد الأخير. إذ تبيّن أن «فترة فقاعة سادت، وتدفقت خلالها كمية كبيرة من الأموال المتاحة والسهلة، حيث المشاريع في قطاع التقنيات المتقدمة، وحيث تم تضخيم المشاريع المحلية الناشئة»، وفق صحيفة «هآرتس» التي نقلت عن خبراء أن «أزمة تواجهها هذه السوق، وحتى قبل الحرب كانت المشاكل تكبر، وبعد سنتين بدأت صناديق الشركات تنفد، والثمن مؤلم».وإلى العقبات الكبيرة التي يشهدها اقتصاد العدو عموماً، فإن الأعمال الخاصة بشركات التكنولوجيا في شمال فلسطين المحتلة، تواجه معضلة أكبر. فقد أدى ارتفاع منسوب التوتر في الشهرين الماضيين إلى امتناع كثير من العاملين عن الحضور وإلى العمل عند بعد، كما سافر كثيرون منهم إلى خارج الكيان. مع الإشارة إلى أن الشركات الكبرى تعتمد على مشاغل لصناعات لا تتطلب مساحات كبيرة واختيرت لها أماكن في شرقي حيفا أو بالقرب من وسط الشمال، إضافة إلى ما هو موجود في حيفا نفسها. وارتفع منسوب القلق والإجراءات الخاصة في مراكز الصناعات العسكرية الواقعة في الشمال، خصوصاً تلك التي سبق لحزب الله أن أشار إليها بالاسم والصورة والإحداثيات في أكثر من فيديو بثّه الإعلام الحربي. وهي مؤسسات يجري تفريغها من العاملين في كل مرة تتحدث المؤسسة الأمنية عن خطر التعرض لضربات من جانب حزب الله، وهو ما تُرجم توقفاً جزئياً عن الأعمال في الفترة التي امتدت من أول آب الماضي حتى صباح أمس، حيث أبلغت الجبهة الشمالية العاملين فيها بأنه يمكنهم العودة إلى العمل.
وبحسب تقرير لدورية «ذي ماركر»، فقد تبيّن أن سلسلة من المشاريع الناشئة في فلسطين المحتلة أُغلقت أو تقلّصت نشاطاتها في الأشهر الأخيرة بعد نفاد صناديقها، وليس خافياً أن «الحرب كانت عاملاً مهماً خلف هذه الصعوبات. فقد كانت لدينا مبيعات بمئات آلاف الدولارات سنوياً، واقتربنا من مليون دولار، كنا في نوع من الزخم، لكننا لم ننجح في تجنيد الأموال»، قال رفيف كولا، أحد مؤسسي شركة «فروت سبيك».
جولة تجنيد الأموال الأخيرة لهذه الشركة استُكملت في عام 2021، في حينه جنّدت الشركة 5 ملايين دولار. وفي السنة الماضية، أرادت الشركة تجنيد 4 ملايين دولار إضافية، لكنها لم تنجح في الحصول على التزام بدفع كل المبلغ. لم يخرج التجنيد إلى حيز التنفيذ، وفي شباط تم إغلاق الشركة، وأقيل الموظفون العشرون فيها، و«لهذا علاقة مباشرة بالحرب»، قال كولا، إذ إن «المستثمرين الأجانب اختفوا، ومن أرادوا المشاركة قالوا إنه ليس الوقت المناسب. وهناك مستثمرون في البلاد أبدوا اهتماماً، ثم تراجعوا. وهو وضع شركات أخرى، يصعب تجنيد الأموال، حتى لمبالغ صغيرة. هذا يتعلق أيضاً بانخفاض الاستثمارات في العالم وبالوضع في إسرائيل، مع عدم اليقين الاقتصادي والسياسي».
شركة الصحة الرقمية «جيست ميد» أُغلقت أيضاً أخيراً بعد إخفاقها في تجنيد رأس مال إضافي، وبعد أقل من أربع سنوات على تجنيدها مبلغ 6.5 ملايين دولار نهاية 2020. «جيست ميد وصلت إلى نهايتها، واضطررنا لإغلاقها»، قال المدير العام والمؤسس دان رولس بلينكداين، قبل شهر تقريباً. «شعرنا بأننا في المسار الصحيح. فرغم عدد كبير من التحديات والصعوبات، نجحنا في التعاون مع منظمات صحة ومع شركات رائدة في البلاد والعالم. ولكن جولة تجنيد الأموال التي فشلت في التوصل إلى اتفاق وتأخير الدفعات، أدت إلى دوامة التدفق. وفي مرحلة معينة، امتص ثقب التدفق كل شيء. قطعنا شوطاً طويلاً، لكن ليس بما فيه الكفاية. هذه أوقات مؤلمة جداً». وكتب رولز أيضاً بأنه وشركاء له يحاولون العثور على تمويل لشراء أصول الشركة ونشاطاتها من الوصي الذي عينته المحكمة.
وإلى هذه الشركات، ثمة شركات كثيرة أعلنت عن تجنيد الأموال للمرة الأخيرة في عام 2021. شركة تكنولوجيا التأمين «سبراوت» الناشئة، التي جندت في عام 2021 حوالي 200 مليون دولار، وقدمت في أيار الماضي طلباً للبدء في إجراءات التوقف عن تسديد الديون. وكتب في هذا الطلب أن «الشركة بذلت جهوداً كثيرة لتجنيد استثمارات أخرى. ولكنها جهود لم تنجح».
وأغلقت شركة «أوركان» خط إنتاج منتجات بصرية بالكامل، وأقالت معظم العمال، وبقي فيها طاقم صغير يواصل تطوير السماعات. كما أغلقت شركة «دايتو» العاملة في المواد الغذائية، والتي أمّنت 85 مليون دولار خلال السنوات الماضية، بعد صعوبات كثيرة. وكذلك شركة «كهولو» الناشئة التي عملت في تطوير البرامج، بعد تعذّر توفير أموال إضافية، وعمدت إلى حل نفسها. وفي بداية هذه السنة، أوقفت شركة السايبر «ريزليون» نشاطاتها وباعت الملكية الفكرية لشركة «غيتلاب». واستكملت في عام 2021 جولة التجنيد المهمة الأخيرة، ومنذ ذلك الحين وجدت صعوبة في الصعود على مسار النمو. في السنوات الأخيرة نجحت في تجنيد جزء صغير فقط من المبلغ الذي كانت تحتاج إليه. والاتصالات لبيعها انهارت بسبب الحرب».

المصدر: الاخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى