مناورة مصرية لحماية “كامب دايفيد”
وأخيرًا، أعلنت القيادة السياسية المصرية عزمها التدخل لدعم القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضدّ “إسرائيل” أمام محكمة العدل الدولية، وذلك بسبب الانتهاكات المتزايدة لحقوق الفلسطينيين التي تتسبب بها “العمليات الإسرائيلية” في غزّة وتأثيرها على المدنيين، وفقًا لما جاء في بيان رسمي مصري. ونقلت وكالة “رويترز” عن مصادر أمنية مصرية خبرًا يفيد بأن مسؤولين مصريين أبلغوا سلطات الكيان الصهيوني أنهم يلقون اللوم عليها لما يرتكبه جيشها بحق المدنيين الفلسطينيين، خصوصًا بعد انهيار محادثات وقف إطلاق النار التي جرت في القاهرة بين حركة حماس والكيان الصهيوني بوساطة مصرية قطرية.
ويرى مراقبون أن الخطوة المصرية تعكس تزايد التوّتر في العلاقات بين القاهرة و”تل أبيب” على خلفية اجتياح جيش الاحتلال الصهيوني معبر فيلادلفيا الذي يربط بين مصر وقطاع غزّة، في إطار العملية العسكرية التي أطلقها الصهاينة على أطراف مدينة رفح في الوقت الذي يهدّدون فيه باقتحام المدينة.
إلا أن مراقبين آخرين يرون في الخطوة سعيًا لامتصاص نقمة الشارع المصري ووسيلة لحفظ ماء الوجه بالنسبة للقيادة المصرية بنتيجة احتلال القوات الصهيونية للمعابر على الحدود المصرية، ما يعد انتهاكًا للسيادة المصرية من جهة ولبنود معاهدة كامب دايفيد “للسلام” الموقعة بين مصر و”إسرائيل” في العام 1979 من جهة ثانية. فقد تسببت تصريحات المسؤولين الصهاينة حول أن احتلال المعابر تم بالتنسيق مع السلطات المصرية، بغضب كبير في الشارع المصري الذي كان يأمل على الأقل بإلغاء اتفاقية “السلام” المصرية – الإسرائيلية.
والجدير ذكره أن القيادة المصرية لم تكن لتلغي هذه المعاهدة بأي شكل من الأشكال رغم الضرر الكبير الذي يتسبب به العدوان الصهيوني على غزّة للأمن القوميّ المصري، وهو ما أكده وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي قال إن المعاهدة بين “البلدين” ضرورية لضمان الأمن، وأن لدى مصر آليات للتعامل مع أي انتهاكات، حسب زعمه.
ولأن القيادة المصرية بدأت تخشى من ردة فعل الشارع المصري في ظلّ حصول احتجاجات في عددد من المناطق المصرية تكتم عليها الاعلام المصري الرسمي، وفي ظلّ عملية الإسكندرية التي قام خلالها مواطن مصري بقتل رجل أعمال صهيوني كان في الإسكندرية في زيارة عمل، فإن هذه القيادة وجدت أن عليها القيام بخطوة تمتص نقمة الشارع المصري وتقدم للرأي العام ما يحفظ ماء وجهها، في ظلّ الهجمة الإعلامية الكبيرة التي شنتها ضدّها وسائل اعلام تابعة للمعارضة المصرية في الخارج، وأخرى عربية بنتيجة الصمت المصري على احتلال المعابر التي تربط بين رفح وسيناء المصرية.
من هنا، فإن القيادة المصرية وجدت أن خيار دعم الدعوى التي تقدمت بها جنوب افريقيا يمكن أن يعطيها رصيدًا، وذلك عبر الانضمام إلى خطوة لاقت ترحيبًا دوليًا وعربيًا من جهة، ويجنب القيادة المصرية الرضوخ للضغوط الشعبية المطالبة بإلغاء اتفاقية كامب دايفيد من جهة أخرى. إلا أن الخطوة المصرية بدعم جنوب افريقيا أتت متأخرة، ودون ما هو منتظر من أكبر دولة عربية كان لها دور ريادي في المنطقة. فإلى أي مدى يمكن أن تشكّل الخطوة المصرية حقنة تخدير للشعب المصري؟
المصدر: العهد الاخباري