“هيومن رايتس ووتش” تدعو إلى مساءلة إسرائيل على استهدافها عمال الإغاثة: أوقفوا الهجمات غير القانونية
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها اليوم الثلاثاء إنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي شنّت ثماني ضربات على الأقل على قوافل ومبانٍ لعمال إغاثة في غزة منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مشيرة إلى أن القصف حصل رغم أنّ منظمات الإغاثة قدمت إحداثيات مواقعها إلى سلطات الاحتلال لضمان حمايتها. ويأتي التقرير بعد ساعات من إعلان نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق أنّ أحد أفراد أجهزة الأمن التابعة للأمم المتحدة قُتل في هجوم استهدف سيارته في مدينة رفح جنوبيّ قطاع غزة الاثنين، موضحاً أنه أول موظف دولي للأمم المتحدة في غزة يُقتَل منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأضاف: “هذه الضحية الدولية الأولى” للأمم المتحدة منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة، مذكراً بمقتل نحو 190 موظفاً فلسطينياً في الأمم المتحدة، معظمهم من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وفي تعليقه على الحادثة لوكالة “فرانس برس” ادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي أنّ “التحقيق الأولي الذي أُجري يشير إلى أن المركبة أُصيبت في منطقة قتال نشطة”. وزعم أنه “لم يكن على علم بمسار المركبة”، مشيراً إلى أن “الحادثة قيد المراجعة” من دون تحديد الجهة التي تقف وراء الهجوم.
وبهذا الخصوص ذكر تقرير “هيومن رايتس ووتش” بشأن الضربات الثماني السابقة التي نفذها الاحتلال، أنه “لم تُصدر السلطات الإسرائيلية تحذيرات مسبقة لأيٍّ من منظمات الإغاثة قبل الضربات، التي قتلت أو أصابت على الأقل 31 عامل إغاثة ومن معهم”، مشيراً إلى أن إحدى تلك الهجمات “أصابت في 18 يناير/ كانون الثاني 2024 ثلاثة أشخاص كانوا يقيمون في مضافة مشتركة تابعة لمنظمتَيْ إغاثة، ومن المرجَّح أنها نُفِّذت باستخدام ذخيرة أميركية الصنع، وفقاً لإحدى المنظمتين وتقرير محققي الأمم المتحدة الذين زاروا الموقع بعد الهجوم”.
وتطرقت المنظمة إلى الهجوم الإسرائيلي في 1 إبريل/ نيسان الماضي على قافلة منظمة المطبخ المركزي العالمي، الذي قُتل خلاله سبعة عمال، قائلة إنه “ليس مجرد خطأ معزول، فهو فقط حادثة واحدة من ثماني حوادث على الأقل حددتها هيومن رايتس ووتش، حيث زودت منظمات الإغاثة ووكالات الأمم المتحدة السلطات الإسرائيلية بإحداثيات قافلة المساعدات أو المباني، ومع ذلك هاجمت القوات الإسرائيلية القافلة أو الملجأ دون أي تحذير”.
تعليقاً على ذلك، قالت المديرة المشاركة لقسم الأزمات والأزمات والأسلحة في “هيومن رايتس ووتش” بلقيس والي: “قتل إسرائيل سبعة عمال إغاثة من المطبخ المركزي العالمي صادم، وما كان ينبغي أن يحدث أصلاً بموجب القانون الدولي. على حلفاء إسرائيل أن يدركوا أن هذه الهجمات التي قتلت عمال الإغاثة تتكرر، وينبغي أن تتوقف”. وأضافت والي: “من ناحية، تمنع إسرائيل الوصول إلى الإمدادات الإنسانية الحيوية المنقذة للحياة، ومن ناحية أخرى، تُهاجم القوافل التي تسلّم بعض الكميات الصغيرة التي تسمح بدخولها. على القوات الإسرائيلية أن توقف فوراً هجماتها على منظمات الإغاثة، وينبغي أن تكون هناك محاسبة على هذه الجرائم”.
التجويع كأسلوب حرب
وجاء في التقرير كذلك: “قالت المنظمات التي تأثرت مبانيها وموظفوها لـ’هيومن رايتس ووتش’ إنه، على حد علمها، لم تكن هناك أهداف عسكرية في المنطقة وقت الهجوم”، لتخلص المنظمة إلى أنه “إذا تم تأكيد ذلك، تكون الهجمات عشوائية بشكل غير قانوني أو غير قانونية لأنها لم تتخذ الاحتياطات الكافية لضمان أن الهدف كان عسكرياً. حتى لو كانت هناك أهداف عسكرية في محيط بعض مواقع الهجوم، ونظراً لعدم تزويد إسرائيل في كل حادثة المدنيين هناك بأي نوع من التحذير، تُسلط هذه الحوادث الضوء على عدم حماية إسرائيل عمال الإغاثة والعمليات الإنسانية، وتجاهل أكبر لواجبها في تخفيف الضرر الذي يلحق بالمدنيين بشكل عام”.
وذكرت “هيومن رايتس ووتش” أنها التقت بموظفين من 11 منظمة إنسانية ووكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة تعمل في غزة، “قالوا إن الهجمات الإسرائيلية على عمال الإغاثة أجبرتهم على اتخاذ تدابير متنوعة. شمل ذلك بالنسبة إلى البعض تعليق أنشطتهم لفترة من الوقت، أو تقليل عدد موظفيهم داخل غزة، أو تقييد أنشطة المساعدات بشدة بطرق أخرى”، كما ورد في التقرير. وأضافت: “يثير هذا النمط من الهجمات، رغم إخطار السلطات الإسرائيلية بشكل مناسب، تساؤلات جدية عن التزام إسرائيل الامتثال للقانون الإنساني الدولي وقدرتها على ذلك، وهو ما تعوّل عليه بعض الدول، بما فيها بريطانيا، لمواصلة ترخيص صادرات الأسلحة إلى إسرائيل”.
في الأثناء قالت “هيومن رايتس ووتش” إنها وجدت أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي “تستخدم التجويع كأسلوب حرب في غزة”، مضيفة أنه “عملاً بسياسة وضعها المسؤولون الإسرائيليون وتنفذها القوات الإسرائيلية، تمنع السلطات الإسرائيلية عمداً إيصال المياه والغذاء والوقود، وتعرقل عمداً المساعدات الإنسانية، وتدمر بحسب الافتراض المناطق الزراعية، وتحرم السكان المدنيين الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة. يموت الأطفال في غزة بسبب المضاعفات المرتبطة بالتجويع”.
وقالت المنظمة كذلك إنه “ينبغي لحلفاء إسرائيل، بمن فيهم الولايات المتحدة وبريطانيا – كلتا الدولتين أرسلتا أجزاءً من الأسلحة التي يُفترض أنها استُخدِمت في واحدة على الأقل من الهجمات الموثّقة – تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل طالما ترتكب قواتها انتهاكات منهجية وواسعة لقوانين الحرب ضد المدنيين الفلسطينيين دون عقاب”، مضيفة أن الحكومات التي تواصل تقديم الأسلحة إلى الحكومة الإسرائيلية تخاطر بالتواطؤ في جرائم الحرب.
ودعا تقرير المنظمة الدولية الاحتلال الإسرائيلي إلى “إعلان نتائج التحقيقات في الهجمات التي أدت إلى مقتل وإصابة عمال الإغاثة، وفي جميع الهجمات الأخرى التي سبّبت خسائر في صفوف المدنيين”، لافتاً إلى أن “سجل الجيش الإسرائيلي الطويل في عدم التحقيق بشكل موثوق في جرائم الحرب المزعومة يسلط الضوء على أهمية تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم الخطيرة التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع”.
المصدر: العربي الجديد