إجتماعيات

إذا كنت تشعر بالاكتئاب واليأس، فاقرأ هذه الرسالة التي تركتها (هولي باتشر) قبل ساعات من رحيلها بسبب السرطان

إن الفناء أمرُ محتم علينا جميعاً، وهو الأمر المشترك بين جميع الكائنات على هذه الأرض! نحن مجبرون على مواجهته؛ إما نحن أنفسنا أو أحد أفراد عائلاتنا أو أصدقائنا أو معارفنا الذين كنا بالأمس معهم، أو حتى حيواناتنا الأليفة.

يبدأ الكثير من الأشخاص في هذا العالم في التفكير في الموت عندما يتقدم بهم العمر، إلا أن الكثيرين أيضاً يضطرون للبدء بالتفكير فيه في مطلع شبابهم. كان على (هولي باتشر) أن تبدأ بالتفكير فيه مبكراً، فما أن بلغت السادسة والعشرين من عمرها حتى تم تشخيصها بأحد أخطر أنواع أمراض السرطان الخبيث.

قررت (هولي) أن تترك رسالة أخيرة إلى هذا العالم في ليلة الثالث من شهر يناير من عام 2018، وبعد ساعات قليلة رحلت عن هذا العالم محاطة بعائلتها.

وصلت رسالتها إلى آلاف الأشخاص في هذا العالم، ولامست مشاعرهم بكلماتها المؤلمة التي تتضمن الكثير من النصائح للأصحاء. تقول (هولي) في رسالتها:

”إنه لأمرُ غريب بأن تدرك وتتقبل قدرك وأنت في السادسة والعشرين من عمرك فقط! إنه واحدُ من الأمور التي ستسعى إلى تجاهلها. تتعاقب الأيام كما أنك لا تتوقع منها إلا أن تتوالى، إلى أن يأتي ذلك الأمر غير المتوقع… لقد تخيلت نفسي دائماً بأنني سأتقدم في السن وتملأ وجهي التجاعيد ويصبح شعري فضياً.. لقد خططت لبناء حياتي مع شريك حياتي.. أرغب بذلك الأمر بشدة.. إن هذا مؤلم..

هذه هي الحياة، هشة، ثمينة، ولا يمكن التنبؤ بها، وكل يوم لنا على قيدها هو بمثابة هبة وليس حقاً ممنوحاً.

أنا في السابعة والعشرين من عمري الآن ولا أود الرحيل.. أحب عائلتي وأنا سعيدة ومدينة بذلك لأولئك الذين يحبونني، إلا أن هذا الأمر يقع خارج نطاق إرادتي ولا يمكنني التحكم به، أريد للناس أن يتوقفوا عن القلق كثيراً حول ضغوظات الحياة الصغيرة والتافهة ويحاولوا أن يتذكروا بأننا وبعد كل شيء سنواجه ذات المصير، افعلوا ما بوسعكم لجعل أوقاتكم عظيمة وجديرة بأن تُعاش بعيداً عن الهراء.

فيما يلي سوف أٌدرج الكثير من أفكاري لأنني كان لدي خلال الأشهر الماضية الكثير من الوقت للتفكير في هذه الحياة، إنه منتصف الليل الآن حيث تتهافت على رأسي هذه الأفكار!

في تلك الأوقات التي تتذمر خلالها بسبب مشكلات صغيرة، فكر في أولئك الذين يواجهون مشاكل حقيقية. كن ممتناً لتلك القضايا الصغيرة وحاول التغلب عليها، لا بأس بأن تعترف بأن أمراً ما يزعجك ولكن حاول أن لا تستمر بالتفكير به، وحاول أن لا تؤثر سلباً على حياة المحيطين بك..

عندما تتمكن من تحقيق ذلك؛ أخرج من مكانك وخذ نفساً عميقاً من الهواء الرائع والمنعش إلى داخل رئتيك، انظر إلى السماء الزرقاء.. انظر كم الأشجار خضراء، إنها جملية جداً، فكر كم أنت محظوظ لتمكنك من القيام بذلك الأمر، ألا وهو التنفس..

من الممكن أن تكون قد تعرضت لحادث سيئ اليوم، أو أنك لم تنم جيداً الليلة حيث أن أطفالك أبقوك مستيقظاً، أو لربما بالغ مصفف الشعر بقص شعرك، لربما أفسدتِ أظافركِ الاصطناعية الجميلة، أو أن بطنكِ مترهل.. إرمِ كل هذا الهراء بعيداً.. أقسم لكِ بأنكِ سوف لن تفكري بهذه الأمور على الإطلاق عندما يكون قد حان دوركِ للرحيل.. كل هذه الأمور ليس لها أية أهمية عندما ننظر للحياة ككل.

الآن أنا أرى جسدي تصيبه النحافة والضعف أمام عيني دون أن أتمكن من فعل أي شيء، وكل ما أتمناه في هذه اللحظة بأن يكون بمقدوري أن أقضي مرة أخرى عيد ميلادي، أو أن أقضي ليلة عيد الميلاد مع عائلتي.. أو يوماً آخر فقط مع شريكي وكلبي.. فقط يوم واحد إضافي.

أسمع الناس يتذمرون بسبب أعمالهم أو يتذمرون بسبب أن القيام بالتمارين الرياضية أمر صعب، كن ممتناً لأنك قادر على القيام بذلك جسدياً، فالعمل والتمارين الرياضية يبدوان لك أمران اعتياديان حتى تأتي تلك اللحظة التي يمنعك جسدك من القيام بكليهما.

لقد حاولت أن أعيش حياةً صحيّة وكان ذلك شغفي، قدّرْ نعمة صحتك الجيدة وجسدك الذي يقوم بمهامه على أكمل وجه حتى وإن لم يكن وزنك مثالياً، اعتنِ بجسدك وتقبله فإنه مذهل، حركه وانعشه بالطعام الطازج ولا توتره، اسعَ دائما لإيجاد سعادتك الروحية والعاطفية والنفسية، حينها فقد ستدرك كم من التافه وغير المهم أن تمتلك جسداً يبدو مثالياً كتلك البورتريهات المثالية على مواقع التواصل الاجتماعي، قم بحذف كل تلك الحسابات الإلتكترونية التي تقفز على صفحتك الشخصية وتعطيك شعوراً مزرياً عن نفسك، صديقاً أم لا، كن قاسياً عندما يتعلق الأمر بكينونتك!

كن ممتناً لكل يوم لا تشعر فيه بالألم، كن ممتناً لتلك الأيام التي تعاني خلالها من الزكام أو آلاماً في الظهر، أو عندما يكون كاحلك ملتوياً، تقبل كل ذلك فإنه هراء، كن ممتناً بأن تلك الأمور لا تهدد حياتك وأنها سوف تزول قريباً.

امنح وامنح وامنح.. إنها حقيقة بأنك تشعر بالسعادة أكثر عندما تسدي خدمة للآخرين أكثر من السعادة التي تشعر بها عندما تقوم بذلك لنفسك، وأتمنى لو أنني قمت بذلك أكثر.

من الغريب أن تملك مالاً لتنفقه في النهاية، عندما تحين ساعة رحيلك؛ لن تفكر في الخروج لشراء بعض الحاجيات التي تشتريها عادة كفستان مثلاً، إن ذلك سوف يجعلنا نفكر كم من التافه أن نعتقد بأن إنفاق الأموال لشراء الملابس أو الحاجيات الحياتية أمر يستحق العناء، عوضاً عن ذلك اشترِ لصديقك شيئاً لطيفاً، ادعُ أصدقاءك إلى العشاء، أو اطبخ من أجلهم أو اصنع لهم القهوة، اشترِ لهم نبتة أو شمعة وبينما أنت تعطيهم تلك الهدية أخبرهم كم تحبهم..

قدر قيمة وقت الآخرين، لا تجعلهم ينتظرونك كونك غير قادر على أن تكون دقيقاً في مواعيدك، إذا كنت من هذا النوع تحضّر لموعدك بشكل مبكر وقدّر بأن أصدقائك يرغبون بقضاء الوقت برفقتك وليس الجلوس منتظرين، سوف تحظى بالاحترام أيضاً.استخدم أموالك لتعيش تجارباً، أو على الأقل لا تتسبب بحرمان نفسك من القيام بتجربة جديدة لأنك أنفقت كل أموالك لشراء أشياء مادية تافهة، قم برحلة إلى الشاطىء، اغمس قدميك في الماء واغرس أصابع قدميك في الرمل.. بلل وجهك بالماء المالح.. حاول أن تتمتع بلحظاتك عوضاً عن تقييدها أمام شاشة جهازك المحمول.

إن المعنى وراء هذه الحياة ليس بأن نقضيها أمام شاشة الهاتف المحمول أو نلتقط صورة مثالية.. تمتع بلحظاتك المميزة، والسؤال هنا: هل هذه الساعات التي نقضيها بتصفيف شعرنا ووضع مستحضرات التجميل على وجوهنا تستحق ذلك العناء؟ لطالما عجزت عم فهم الفتيات اللواتي يقمن بذلك.

استيقظ في الصباح الباكر واصغِ لصوت العصافير خلال تأملك لألوان الشمس الجميلة لحظة شروقها، استمع إلى الموسيقى، استمع إليها حقاً فإنها علاج.احتضن كلبك واذهب معه بعيداً.. سوف أشتاق إلى ذلك.

تحدث إلى أصدقائك، هل هم بخير؟ اعمل لتعيش ولا تعش لتعمل، افعل حقاً ما يجعل قلبك سعيداً، كٌل الكعك بدون أن تشعر بالذنب، لا تقل شيئاً لا ترغب بقوله، لا تضغط على نفسك لتقوم بأشياء يعتقد الناس بأنها إنجازات عظيمة، فقد ترغب بأن تعيش حياةً متواضعة وهذا أمرُ مقبول، أخبر أولئك الذين تحبهم بأنك تحبهم في كل مرة تسنح لك الفرصة بذلك، وأحبهم من أعماق قلبك وبكل قوة.

تذكر أيضاً، إذا كان هناك ثمة أمر يجعلك تشعر بالسوء وليس بمقدروك تغييره، فعليك التحلي بالشجاعة لتغييره، أنت لا تعلم كم تبقى لك من الوقت على سطح هذا الكوكب، لا تهدر ما تبقى لك في هذه الحياة وأنت تشعر بالحزن، أنا أعلم بأن ذلك يقال دائماً إلا أنه حقيقي جداً..

قم بأمر مؤثر في البشرية وابدأ بالتبرع بالدم بشكل منتظم، سوف يجعلك ذلك تشعر بالسعادة لأنك تساهم في إنقاذ بعض الأرواح.

لقد ساعد التبرع بالدم على الحفاظ على حياتي لمدة عام إضافي، سوف أكون شاكرة للأبد لذلك العام الذي قضيته على سطح الأرض بين أفراد عائلتي وصديقي وكلبي، خلال هذا العام قضيت البعض من أعظم لحظات حياتي.“

بعد بضع ساعات على كتابة هذه الرسالة رحلت (هولي).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى