الشيخ الخطيب: قوى المقاومة تدرك جيّدًا أهداف العدوّ الخبيثة ولن تسمح بخروجه منتصرًا
رأى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب في خطبة صلاة الجمعة أن “اقتران التقدّم العلمي مع تقدّم الزمن بالتخلف الأخلاقي وانعدام القيم، وكلما وصل التخلف الأخلاقي والفساد إلى أعلى مراتبه تبدأ مرحلة جديدة من التغيير الإلهي”، ولفت إلى أن “التقدّم العلمي والإحساس بالاقتدار يدفع بالمجتمعات إلى استخدامه في العدوان والظلم والتسلط على الآخرين لزيادة النفوذ والاستحواذ، وهذا هو السبب في عدم الاستقرار واستمرار الحروب بين الأمم والجماعات وحتّى على مستوى الأفراد، الأمر الذي يحتاج إلى حل”.
وتابع الشيخ الخطيب: “هل الحل في توازن القوى؟ وهو أمر ليس حاصلًا دائمًا لأن كلّ طرف يسعى لاستغلال الفرص للإيقاع بالآخر، وبمجرد الاختلال في موازين القوى سيستغل الطرف الأقوى الفرصة للانقضاض على الآخر، طالما أن الفكر الذي يتحكم به ليس إنسانيًا ولا يعتمد القيم والمبادىء الأخلاقية التي يرى أنّها وسيلة الضعفاء ويعتقد أن الضعيف سيتخلى عنها ما أن يتمكّن من الحصول على القوّة المادية، لأن القوّة المادية لا تقتصر على فئة معينة وأنها متحولة”.
وأضاف: “إن الخوف الذي يشعر به كلّ طرف ناتج عن الاعتقاد بأن التحولات الاجتماعية تتحكم بها القوى المادية، غافلًا عن أن القوّة الحقيقية هي لله تعالى وخاضعة لسنة إلهية وقاعدة قرآنية “وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقًا”( الاسراء 18) “…أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (البقرة: 165)، ولم يكتفِ الله سبحانه وتعالى بأن قرر أن هذا الأمر سنة إلهية في التحولات الاجتماعية التاريخية حتّى نجد في القرآن الكريم أمثالًا كثيرة من قصص الأمم الماضية للتأكيد على أن الواقع التاريخي العملي يؤكد هذه الحقيقة، وأن السنن التاريخية هي كالسنن التكوينية لا تختلف وأنها حقيقة من حقائق الحياة ما إن تحققت أسبابها كتمدد الحديد وتبخر الماء حين تتأثر بدرجة معينة من الحرارة كذلك الحياة الاجتماعية فهي تخضع في تحوّلاتها إلى أسبابها الاجتماعية التي حددها القرآن الكريم”.
وأردف الشيخ الخطيب: “الكفر والظلم الاجتماعي والإيمان والاستقامة والعدالة الاجتماعية وشيوع الفساد والقيام بمسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو التخلي عنها وغيرها من الأسباب التي تبدأ فردية وتنتهي اجتماعية ومع اكتمال عناصرها يحدث التحول الاجتماعي الكبير نحو الاستقرار والتنمية والعدالة الشاملة أو نحو الظلم والفقر والحروب والقتل وشيوع الفوضى وانعدام الأمن والاستقرار التي أجملها قوله تعالى { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ( الاعراف:96 )، بل حتّى التغيرات والتحولات التكوينية في بعض وجوهها يعود إلى الفعل الإنساني كما تصرح بوضوح عنه الآية الكريمة من أن فتح بركات السماء أو العذاب بالزلازل أو الطوفان أو شيوع الأمراض والموت بسبب اختلال البيئة الذي يؤدي إلى الاختلال في موازين الطبيعة ووقوع الجدب، وكله يعود إلى فعل الإنسان وسوء اختياره فصلاح الحياة واستقرارها إنما يعود إلى صلاح الإنسان وفسادها إلى فساده، قال تعالى {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}( الروم: 41).
ورأى أنه “من الملاحظ في الآية أن بعض العقوبات إنما هي لغرض التأديب والإصلاح كما يفيد قوله تعالى {لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} وإنما نسب سبحانه العذاب إلى نفسه لأنه واضع هذا القانون وإلا فإن العذاب بما كسبت أيدي الناس، كما أن بعض العذاب يكون بتسليط بعض الناس على بعض ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾(الأنعام: 65)”.
وأوضح الشيخ الخطيب: “من هنا ندخل إلى تحديد موضوع القوّة والرؤية القرآنية، ومن الواضح مما قدمناه أن القوّة الحقيقية هي القوّة الفاعلة والمتحكمة في التحولات الاجتماعية ووضع سننها، وليست السنن نفسها حتّى التي ذكرناها من العدل والظلم والكفر والإيمان وغيرها من الأسباب التي حددها القرآن الكريم لأنها مسنونة وموضوعة فهناك من سنها ووضعها فإليه تنتهي الأسباب وهو مسببها فهي بيده، ولذلك فالقوّة الحقيقية تعود له دون غيره. وقد وردت آيات متعددة في هذا الشأن منها قوله تعالى ” قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ( القصص:71 ) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ( القصص: 72 ) وقوله سبحانه { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَءَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَنِىَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَٰشِفَٰتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِى بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَٰتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِىَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } (الزمر: 38)، فالله سبحانه هو خالق الأسباب والممسك بها، وهو ما جرت عليه الأحداث التاريخية”.
وأضاف “هناك قصص قرآنية عن فرعون وهامان وقارون وقوم عاد وثمود ولوط وعن غيرهم من أقوام آخرين، فالقوّة التي ملكوها كانت كبيرة وشديدة ولكن بعد أن أتم الله الحجة عليهم بالرسل والشرائع والبينات لم تمنعهم من عذاب الله ومن اجراء سننه عليهم ولم تغن ِعنهم من الله شيئًا، وأن القوى المادية محكومة للقوانين والسنن الإلهية وخاضعة لها، فقال تعالى ﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ ( الروم: 9)، فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يعملون”.
وأشار الشيخ الخطيب إلى أنه “حتّى انتقال القوّة من قوم إلى قوم إنما هي بهذه الأسباب، قال تعالى { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَٰرَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَـُٔوهَا ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرًا } (الاحزاب: 27). وفي حكايته عن نوح وقومه الذين استهزؤوا به، وابنه الذي لجأ إلى الجبل ظنًا منه أنه سينجو من الطوفان ونادى نوح ابنه قال يا بني اركب معنا ﴿ قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾(هود: 43)”.
الشيخ الخطيب لفت إلى أن “التحولات الاجتماعية الكبرى يتحكم فيها عاملان؛ الأول هو عامل الاختبار الإلهي للبشر والذي بيّنه سبحانه منذ خلق آدم وإخضاعه للاختبار في قضية آدم وإبليس، وهو أي الاختبار لم يكن مختصًا بآدم وإنما اختبار عام لكل المخلوقات العاقلة من الإنس والجن فسقط إبليس في الامتحان وأخرج آدم من الجنة ليكون بداية المشوار للبشرية في هذا الطريق وكان لا بد من تعريف آدم عن طريق هذه التجربة العملية مع من سيكون الاختبار الذي كان إبليس، وقال الله له بعد اتضاح عداوة إبليس لآدم كنموذج أكد له النتيجة العملية بالقول ﴿ فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ﴾ ( طه: 117)، ويقول تعالى “إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ” (فاطر: 6)، العامل الثاني هو الأسباب التي ذكرناها ففي حدود الاختبار تعمل الأسباب، وليس العالم اليوم بخارج عن هذه القواعد والسياقات التاريخية للتحولات الاجتماعية الكبرى ولقد قيل صحيحًا إن التاريخ يعيد نفسه، فما الأحداث التي تجري اليوم إلا تكرار للأحداث التاريخية التي خضعت للقوانين والسنن التاريخية الإلهية”.
وأكد أن “البشر اليوم، بعد الإنذار الإلهي وإعلامه لهم عن طريق الوحي والأنبياء والرسالات ودعوته لهم لينظروا ويقرؤوا التجارب الإنسانية التاريخية والعمرانية، ليس لهم العذر في تكرار أخطائهم وإعادة التجربة من جديد، وليس ما يحصل اليوم من الانبهار بالقوى المادية والاعتصام بها إلاّ كانبهار قوم فرعون بقوته التي كان يتباهى بها أمام قومه حين أتاه موسى فخاطب قومه ﴿ وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ (الزخرف: 51) ولكن موسى الذي لم يكن يملك من القوّة شيئًا بل كان مطاردًا ومطلوبًا لفرعون كانت له الغلبة في النهاية”.
وتابع الشيخ الخطيب: “إن القوّة التي كانت لموسى وهارون، وغلبا بها فرعون ومن معه من جيوش وقوة اقتصادية وتاريخ حضاري كما يقولون، ليست القوّة المادية وإنما قوة الحق والبرهان، عبّر الله عنها بالسلطان “وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ”.
ورأى أن “فرعون انتهى شخصًا، ولكنه بمقتضى قانون الاختبار الإلهي لم ينتهِ كنموذج شيطاني، فالناس محكومون بقانون الاختبار إلى الوقت المعلوم، يوم يرث الله الأرض ومن عليها، وهو يتمثل في القوى العالمية التي تتبنّى القوّة الغاشمة وتعتمدها كمبدأ ومقياس للغلبة والسطوة فهو موجود حيث وجدت هذه المقاييس، والغرب ليس إلا فرعونًا جديدًا في هذا العصر والأمم وليس العرب والمسلمون فقط هم من يختبر به”.
وأوضح الشيخ الخطيب “أن ما يحدث الآن من فرض الغرب سيطرته على العالم وإخضاعه بهذه القسوة، وهذا الجبروت الذي يمارس بصورة فاضحة ووقحة وفاجرة على الشعب الفلسطيني ليس إلاّ ثمرة لهذه المبادىء الشيطانيّة من الركون إلى المنهج المادي الخالي من كلّ اعتبار إنساني”، وتابع “العالم اليوم تحت الاختبار أمام هذا الشيطان المراوغ والوقح والقاسي، وهو إذا ما خضع له العالم اليوم ولم يواجهه سيلقى نفس المصير، وبالأخص العالمان العربي والإسلامي اللذان يتحملان مسؤولية استثنائية في الموضوع الفلسطيني وفي نصرة قضيتهما التي هي قضية حق، وبالتالي هي قضية إنسانية عربية إسلامية مع وضوح أحقيتها. ولا نشك أبدًا أن هذه القضية لا يتوقف انتصارها على العرب والمسلمين، وهي على كلّ حال قد حققت نصرها وإنما ليرى الله ما هم فاعلوه، فهم في موقع الاختبار الإلهي”.
ولفت إلى أنه “أمام العرب والمسلمين اليوم تجربة رائدة هي تجربة المقاومة فقد انتصرت بالاعتماد على الله وعلى أحقية قضاياها مع كلّ ما ووجهت به من افتراءات كاذبة ومع قلة الناصر والحصار والإرهاب الذي مورس على كلّ من يقف معها والأضاليل والفتن، وقد استطاعت مع كلّ ذلك أن تقف وتواجه. ولقد وقفت الجمهورية الإسلامية بقوة إلى جانبها ودعمتها بالسلاح والعتاد والمال وتحملت كلّ الأذى والاتهامات، من القريب قبل البعيد، إلا أنها وقفت بقوة إلى جانب قوى المقاومة”.
وأشار الشيخ الخطيب إلى “أن تضليل الرأي العام العربي والإسلامي والعالمي لم يهدأ منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران وتبنيها دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ولهذا تُتهم أنها المشكلة والمزعزعة للاستقرار والأمن في العالم والمنطقة، وأن الغرب الذي يقف وراء العدوان الممارس على الشعب الفلسطيني واحتلال أرضه وتهجيره منها واستبدال شعبها بلقطاء من جميع جهات الدنيا لتكون قاعدة له في المنطقة لحماية مصالحه، هذا الغرب يخوض المعركة اليوم ضدّ الشعب الفلسطيني يحارب إيران وقوى المقاومة اليوم بادعاء أنها قوى إرهابية وأسماها بمحور الشر، وهو اليوم يحاول أن يغطي على المجازر التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني بتحويل المعركة إلى معركة مع الجمهورية الإسلامية بقصفه مبنى القنصلية التابعة لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق لهذه الغاية”.
وأضاف: “لقد فشل العدوّ بجر محور المقاومة لتحقيق هذا الهدف الخبيث من بداية طوفان الأقصى، وهو اليوم يعيد محاولته الفاشلة مرة أخرى فقوى المقاومة المساندة لغزّة لن تقع في هذا الفخ وهي تدرك جيّدًا أهداف العدوّ الخبيثة ولن تسمح بخروجه منتصرًا من المأزق الذي أوقعته فيه، بل ستجبره على الرغم من الثمن الكبير الذي يدفعه الشعب الفلسطيني ومن ورائه قوى المقاومة في المنطقة والجمهورية الإسلامية باستهداف القادة الكبار من أبنائها الأعزاء، وسيبقى الشعب الفلسطيني البطل ومقاومته الشريفة التي حققت النصر في السابع من تشرين الأول، ولن يسمحوا للعدو بانتزاعه منهم مهما حاول العدوّ أن يقوم به من خداع وأضاليل، وستبقى المعركة معركة الشعب الفلسطيني للتحرر من الاحتلال الغربي الغاشم بأدواته القذرة التي يتقدّمها الوحش الصهيوني، عدو الإنسانية والملطخة أياديه بالدماء الطاهرة في فلسطين والمنطقة، والتي تظهر غباءهم في فهم قيادة المقاومة التي أثبتت امتلاكها من الحكمة والذكاء والإرادة، ما يجعل لها اليد الطولى في هذه المعركة ويجبر العدوّ على الاعتراف بالهزيمة التي ما زال يراوغ يائسًا للإفلات منها”.
وتابع الشيخ الخطيب: “من المستغرب أن البعض في الداخل اللبناني الذي يتعرض وتعرّض للعدوان الإسرائيلي والذي ما زال يحتل بعض أراضيه ويقصف القرى الآمنة ويقتل المواطنين وينتهك القرارات الأممية والقوانين والأعراف الدولية، من المؤسف أن هؤلاء يضعون اللوم على المقاومة ويحذرونها من القيام بالمغامرات وإعطاء الذريعة للعدو، فهل تصدق آذان هؤلاء ما يخرج من أفواههم؟ ولكن الحسابات الخاطئة والخلفيات المذهبية والطائفية تدفع ــ مع الأسف ــ بالبعض إلى التصريح بأن العيش مع “إسرائيل” المجرمة والغاصبة والمعتدية، هذا الوحش الكاسر، مع ادعائهم السيادة أفضل من العيش مع اللبنانيين الذين يدافعون عن شرف لبنان وكرامة بنيه، هذا مع ما يرون ما يحصل للشعب الفلسطيني في غزّة والضفّة الغربية، فهل حمتهم القوى الكبرى ومجلس الأمن ودعاة حماية حرية الشعوب وحقوق الإنسان؟”.
وشدد الشيخ الخطيب على أن “ما يهمنا هو قول ما نعتقده وما فيه مصلحة أمتنا وبلدنا وشعبنا، ونحن نعلم أن هذه المواقف لها أثمان، ولكن ما أهمية الموقف إن لم يكن له ثمن؟”.
وختم “الأنبياء دفعوا أكبر الأثمان وأغلاها، والأولياء والمخلصون، وهذا هو طريق ذات الشوكة وها هم أهلنا وأبناء أمتنا في لبنان وفلسطين واليمن والعراق وسورية الشرفاء يدفعون اليوم أغلى الأثمان من أبنائهم وأنفسهم وأموالهم وقراهم وأرزاقهم دفاعًا عن كرامتهم وعن وطنهم وأمتهم، فنالوا مقام الشرف والكرامة”.
المصدر: العهد الاخباري