تهمة الأخت مايا زيادة أنها دعت للصلاة!
عوقبت الراهبة في مدرسة لبنانية، الأخت مايا زيادة، لأنها نطقت بكلمات حقّ تجمع ولا تفرّق، توّحد ولا تقسّم، حيث دعت أمام طلابها للصلاة من أجل الجنوب اللبناني والمقاومة فيه.
الأخت المربية المتصالحة مع ذاتها وضميرها ومَعين تاريخها في هذه المنطقة، تلت صلاتها وكلماتها جهاراً أمام جمع من طلابٍ يعوّل عليهم مستقبلاً في رأب الصدع وجمع الشمل.
البوصلة فلسطين، لهذا رصعّت الأخت زيادة صفحتها على موقع “الفايسبوك” بعلم فلسطين في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2023، لا حياد مع المحتل، لا حياد مع مجرمين يرتكبون الجرائم والمجازر في غزة وفلسطين والجنوب.
وضعت الراهبة الماجدة يوماً على صفحتها وتحديداً في 23 تشرين الأول/ أكتوبر بعد انطلاق عملية “طوفان الأقصى” كلمات لنزار قباني بعنوان “يا آل إسرائيل”..
حملة تحريض ممنهج
“قامت دنيا البعض ولم تقعد” على الراهبة المربية في المدرسة الواقعة في “غبالة” (كسروان) شمال بيروت، هكذا تنافس ناشطون وإعلاميون عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي من أجل النيل منها ومحاولة التبرؤ من كلامها، كلّ ذنب المربية أنها دعت لـ “الصلاة للجنوبيين وللمقاومين”، أمام هيولى أطفالٍ بريئين مقبلين على حياةٍ في وطن التسامح والمحبة والإخاء.
“قدّمت الـ sœur مايا فرصة لإظهار الصورة المشرقة الحقيقية الأصيلة للمسيحيين في لبنان، وموقعهم في طليعة معركة النهضة، وقلب مشروع التحرير، والانتماء إلى الجغرافيا والتاريخ، وصناعة المستقبل العربي الواحد”، يقول الإعلامي بيار أبي صعب عبر صفحته، رداً على الحملة الشعواء.
“الحياد .. الحياد”! هل ينتفي “الحياد” مع الصلاة؟ هل علمّنا السيد المسيح عليه السلام أن لا نعلّم رعيتنا وأطفالنا معاني الصلاة والدعاء والتضرّع إلى الله! قال يسوع المسيح: “أحبّوا بعضكُم بعضاً كما أنا أحببتكٌم”..
على صفحتها “فايسبوك” قالت أختها “الأخت مايا زيادة بكل فخر أختي من أمي وأبي، الأخت مايا زيادة أخت كل معتر منهوب مسروق بهالبلد، الأخت مايا زيادة أخت الرجال يلي عم يختفو من هالبلد، لكل المش عاجبو والنقيق والمتفلسف يروحو يبلطو البحر”.
تعرّضت الأخت مايا لحملة أباطيل شعواء، واتخذ كلامها منطلقاً للتصويب على أهالي الجنوب اللبناني وفلسطين، والمقاومة.
الحملة أخذت المنحى الموجّه، ما جعل رواداً يردون على ما قرأوه من تحوير للواقع وتجييره نحو مناحٍ تخدم المصطادين في الماء العكر في هذه اللحظات المصيرية التي يمرّ بها لبنان والمنطقة.
الإعلامية والكاتبة اللبنانية رندلى جبور قالتللميادين: إن “المسيحية لا تعيش بالتقوقع والانعزالية بل تعيش حتماً بالتنوع وبخوض غمار المقاومة من أجل الدفاع عن لبنان وهنا فقط تبقى المسيحية موجودة وإلا على المسيحية السلام”.
وأضافت هناك “حملة تحريض وتخوين تتعرض لها الراهبة مايا زيادة بسبب مقطع فيديو متداول منذ أيام، تخاطب فيه طلابها وتدعم رجال المقاومة في الجنوب”… “اليوم من يقول كلمة الحق يتنمرون عليه ويُشيطن وتخاض حملات التخوين ضده.. بئس هذا الزمن”.
أحد المغردين خاطب مايا بقوله: جميلةٌ أنتِ كزهر ليمون الجنوب”..
أليكو فرنجية ذكرّ بتحرير المقاومين لراهبات معلولا في دمشق، فغرّد قائلاً: تداول أخبار عن عزل الأخت الراهبة مايا زيادة في مدرسة الغبالة بعدما شرحت للطلاب عن عدوانية “إسرائيل” وتأييد المقاومة التي تدافع عن لبنان. هكذا موقف يترتب عليه تداعيات. أقلّ ما يقال اليوم: لنتذكر معلولا وراهبات معلولا”.
حتى بيان مدرسة “راهبات الحبل بلا دنس” في غبالة، “التوضيحي”، لم يستسغ من قام بالحملة ومن سار في ركبها، بل إن هؤلاء أمعنوا في تحريض الأهالي والرأي العام، معتبرين أنه “زاد الطين بلة” لأنه سارع الى إعطاء أسباب تخفيفية للأخت زيادة، حيث عزا البيان “الأمر إلى حماستها وعدم وعيها أبعاد كلامها”!
روني ألفا للميادين نت: أدعو الكنيسة لاتخاذ موقف علني
“الميادين نت” حاول استصراح المعنيين وبعض المراجع لكنهم آثروا الصمت، في وقتٍ وصف فيه الكاتب والمحلل السياسي روني ألفا ، الحملة بالمغرِضة بكلّ الأبعاد “وكأنَّ الأخت المَذكورة جدّفت أو كفرت في حين أنَّها كانت في مواقفها أكثر قرباً من السيّد المسيح الذّي علَّمنا كمسيحيين أن نعرف الحقّ وأن الحقّ يحرّرُنا”.
ألفا دعا الكنيسة إلى إتّخاذ موقف علني يجنّب الأخت زيادة تبعات التنمّر الذي باتت تتعرّض لَه، وإلى شدّ أزرِها وتَهنِئَتِها على تنشئة جيل من الطّلاب والطالِبات يحبّون وطَنَهم.
ورأى في حديثه للميادين نت أن “الأخت زيادة من هذا المنظار قدّيسَة التربية تنضح من أساريرها قسمات الورع والصّدق وروحانيَّة متسامية ونورانيَّة مشرقيَّة تمثّل كلّ مسيحي مؤمِن بدينه وإنجيله، وتجذّر كنيسته المقاومة”.
ألفا: “إسرائيل” لا تريد المسيحيين شركاء
وإذ حذّر من وجود محاولات، في السياسة لا في الوجدان، لتغيير المزاج المسيحي، اعتبر أن “إسرائيل” هذه الثكنة التي تتكدّس فيها الموبقات لا تريد مسيحيين شركاء أو حلفاء بل تريدهم عملاء ولذلك على البعض ألا يتماهى معها لأنها ستستعمله قبل أن ترميه وعندها سيكون القفز من علوِّ شاهِق مُميتًا”.
وأضاف “لا أستبعد أن يكون لدى الكيان الصّهيوني عصا وجزرة تمدّهما للبعض في لبنان وعلينا التبصّر فلا نتحوّل إلى ظهرٍ يُركَب وضرعٍ يٌحلب”!
وختم قائلاً في في جواب على سؤالنا “المطلوب أوّلاً موقف من الكنيسة وأنا أُناشد الرّئاسة العامّة للرهبانيَّة التي تنتمي إليها الأخت مايا كما أتمنّى مِن صاحِب الغبطة والنيافة البطريرك بشارة بطرس الرّاعي أن يحمي راهبة نذرت حياتها للطّاعة والفقر والعفَّة قَبلَ أن تُضيف نِذراً مقدّساً جديداً هوَ نذرُ الدّفاع عن لبنان وهل هناك قضيَّة أسمى مِن الدّفاع عن لبنان ومقاومته تستحقّ أن تحمى من أجلها الأخت مايا؟”.
المصدر: الميادين