تدرّج في نوعية السلاح.. هذا ما دمّرته “الياسين 105” في غزة
في اليوم الـ 126 يمر الشريط الميداني بكل فخر أمام الجمهور الفلسطيني والعربي وحتى الرأي العام العالمي، نستذكر الأسهم الحمراء، تفخيخ فوهات الأنفاق، “حشوة برميلية”، “مسافة الصفر”، “طوربيد العاصف” “شواظ الدروع” “ولعت”، “المقاتل الأنيق”، “ولله الحمد”…. وغير ذلك.
أمس ليلاً، كشف تقرير خاص نشرته كتائب القسّام حول “قذيفة الياسين 105” عن حصيلة تُنشر لأول مرة منذ بدء الحرب، أنّ “مقاتلي “القسّام” تمكنوا من إعطاب وتدمير أكثر من 1108 آلية، منها 962 دبابة و55 ناقلة جند و74 جرافة و3 حفارات و14 جيب عسكري، وهو ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد كبير من ضباط وجنود الاحتلال.
تقرير لافت في مضمونه وتوقيته،كان محط اهتمام الإعلام “الإسرائيلي” والأجنبي، خاصة مع التركيز على قذيفة “ياسين 105” المؤرِّقة للاحتلال.
عناصر حماس عرفوا نقاط الضعف الإسرائيلية
يتحدث العميد سمير راغب الخبير العسكري عن “عبقرية الياسين 105″ التي تكمن في استخدامها حيث تم تدريب عناصر حماس على ذلك ببراعة لاستهداف نقاط ضعف المدرعات وما تحمله من ذخيرة ما يؤدي إلى تفجيرها”، مشدداً على أن هذا السلاح محليّ الصنع وأن مكوناته يمكن الحصول عليها من منتجات أخرى غير ممنوعة”.
وفي هذا السياق يقول إن هناك “ورش للتصنيع قادرة على التصنيع بدقة مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد ولديهم معرفة عميقة عن كيفية إعادة تدوير المواد المتوفره لديهم”.
بالتوازي، يقول الكاتب والمحلل السياسي نضال عيسى للميادين نت إن “ما شاهدناه من المقاومين في غزة الذين حققوا طوفان الأقصى من خلال إرادة النصر واستعادة الحقوق في صقل خبرتهم وتطويرها العسكري وتحديداً القذيفة التي أصبحت أشهر سلاح في العالم “الياسين105” التي لا تتجاوز تكلفتها بين 200 – 500 دولار واستطاعت تدمير اقوى وأشهر دبابة يتغنى العدو بها وبقدراتها والتي يبلغ سعرها 6 ملايين دولار “.
500 دولار مقابل ملايين الدولارات
ويشرح أن “هذه القذيفة الصاروخية المستنسخة من “آر بي جي 7″ طوّرها المقاومون بطريقة جديدة وقوة أكبر بتزويدها بمواد شديدة الانفجار لتشكّل أكبر تهديد للدبابات والأليات والمدرعات بجميع أنواعها ويمكن استخدامها أيضاً” ضد التحصينات الخرسانية، وهذه القذيفة التي صنعت محلياً تحمل رؤوس حربية ترادفية لزيادة قدرتها التدميرية”.
ويمثّل “الرأس الترادفي”، بحسب المحلل، أهم أسرار قوة “الياسين 105” لأنها عبارة عن قذيفتين متتاليتين تقوم الأولى بتفجير الدرع التفاعلي للدبابة واختراق جزئي أو كلي في الدرع الفولاذي، لتكمل القذيفة الثانية عملية الاختراق إلى الداخل لإحداث انفجار يقود إلى الدبابة بشكلٍ كامل.
ووفقاً لموقع “الدفاع والتسليح العربي”، يشير التقدير إلى أن “حماس” تمتلك ما لا يقل عن 2000 قذيفة RPG من هذا النوع.
عيسى للميادين نت: تطوّر نوعي للمقاومة
تقرير “القسّام” لحظ التطور النوعي في سلاح المقاومة، ولهذا دلالاته التي تشي بكشف ما هو متطور أكثر فأكثر… مشيراً إلى أنه مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، زجّ الاحتلال بالدبابة والآلية المدرعة إلى قلب المدن والمخيمات في الضفة والقطاع ولم يكن بحوزة المقاومة آنذاك سوى البنادق الخفيفة التي لا تستطيع التصدي بأي شكلٍ لتلك الدروع، لتبدأ المقاومة مشوارها بمواجهة هذه الدبابات وكانت المحاولات الأولى عبر العبوات المتفجرة الكبيرة والتي يتم دفنها في المسارات المتوقعة لسير آليات الاحتلال”.
يتخطى عيسى نطاق فلسطين في تحليل ذلك، فيرى أن “الخبرات العسكرية والإرادة هما عامل أساسي في نجاح المقاومين بصناعة هذه “القذيفة التي أدهشت العالم” ، ويضيف “هناك مسار تطوري يواكب مسيرة العمل المقاوم وتوفر الامكانيات من الدول الداعمة لمحور المقاومة والعمل السري المدروس أوصل المقاومة إلى هذه القدرات التي باتت تستطيع مواجهة الاحتلال وتهزمه أيضاً في فلسطين ولبنان”.
وفي وقت يعدد فيه التقرير خطوات التطور في كل عملية يقوم بها الاحتلال ضد غزة، يبرز تقرير حماس أنه في “عام 2014، وضمن استخلاص الدروس والعبر من معركة العصف المأكول، كانت التوصية بإنتاج سلاح مضاد للدروع فعال ضد آليات ومدرعات الاحتلال مثل (ميركافا 4 وناقلة النمر وجارفة D9 المحصنة وغيرها من آليات الاحتلال ومدرعاته) وتنفيذاً لتلك التوصية بدأت فرق البحث والتطوير من مهندسين وكوادر في دوائر التصنيع العسكري في كتائب القسام بالعمل الدؤوب وإعداد البحوث حول إمكانية الوصول إلى ذلك خاصة وأن هذا النوع من العلوم يحتاج إلى دقة عالية في القياسات والخامات والسبائك”.
المقاومون يملكون الأقوى مع مرور الوقت
وحول هذه التكتيكات والصناعات التي تحرص المقاومة في فلسطين ولبنان وغيرها على تحقيقها وتطويرها يجيب عيسى للميادين نت ” من الطبيعي أن يصنع المظلوم المستحيل بالإرادة للوصول إلى الحق، ومن المؤكد أن المقاومين في شتى المحاور يملكون الأقوى ولكن هذا الأمر مرتبط بتطورات الميدان، وهذا ما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله”.
تقرير “القسّام” أفضى إلى ما نشهده اليوم فـ “مع اندلاع معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر لعام 2023، أعلنت الكتائب عن دخول قذيفة ياسين 105 المضادة للدروع وقذيفة ياسين 105 (TPG) المضادة للتحصينات والأفراد إلى الخدمة، وتوعدت الاحتلال بأن هذا السلاح سيكون له دورٌ فاعل في تبديد أوهامه وتحطيم آلياته في الحرب البرية وقد كان ذلك، حيث أضحت قذيفة الياسين 105 أيقونة بارزة ومهمة في معركة طوفان الأقصى”.
وختم تقرير القسام بالتذكير والتنويه بـ “معارك بطولية والتحام مباشر لمجاهدي القسام مع آليات الاحتلال التي تحطّمت وتدمرت بفعل سلاح نوعي تم تصنيعه داخل قطاع مُحاصر ومستنزف منذ أكثر من 16 عاماً”.
يبقى أن نذكّر أن البيان صادر عن “القسّام”، وبالتالي فإن التقديرات والأرقام تخصها، وهناك في غزة فصائل حليفة متراصة في المعركة جنباً إلى جنب، وصولاً إلى العمليات المشتركة.
العامل النفسي وبراعة الإبراز إعلامياً
وفي عمل هذه الفصائل الحاسم الرادع والمؤلم للمحتل لا بد من الإضاءة على العامل النفسي الذي حرص المقاومون من فلسطين إلى سوريا فالعراق واليمن على التعامل معه وهو “تصوير العمليات الذي يرخى بتأثيره السلبي الكبير جداً على الاحتلال، فضلاً عن توثيق العملية بدقتها هو يحمل رسالة للاحتلال الذي يعمل جاهداً للتعتيم عن خسائره”.
كما أنه وبحسب عيسى “أصبح لهذا النصر شريك هو الإعلام الذي يقوم بتغطية الخبر ويقدم الزملاء شهداء لأجل إيصال الصورة وتعرية هذا العدو وجرائمه، وهنا اسمحوا لي أن اتقدم من جميع عوائل شهداء الصحافة بأحر التعازي وأخص قناة الميادين التي هي عنوان للمصداقية والوطنية”.
المصدر : الميادين