من هي عديلة هاشم التي فضحت جرائم “إسرائيل” ؟
كيف ينصف فرد حرّ واحد من أحرار العالم قضية عالمية محقّة عادلة؟
عندما يستنهض أهل فلسطين الضمير العربي، ويسألون وهم يقارعون العدو بالوحدة والقذيفة والكلمة وقوة الشكيمة “وين العرب، وين العالم”؟ ينهض أحرارٌ عرب وأجانب لتلبية النداء التليد.
ماجدون وماجدات من أقصى أصقاع الأرض، “مناضلون بلا عنوان.. مناضلون في أي مكان”، هكذا تقول الأغنية الأممية الشهيرة!
هي الدكتورة الحقوقية المحامية عن قضايا الإنسان في كل مكان عديلة هاشم أو (عديلة أو عدلا هاسيم) من مدينة ديربان الجنوب أفريقية.
فما إن رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية ضد “إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية” في لاهاي بتهمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين خلال حربها على غزة، حتى توجّهت الأنظار إلى المحامية البارزة في فريق المرافعة ونصيرة غزة في محكمة لاهاي.
مكسب لبلادها ولفلسطين
وعديلة هاشم هي محامية لامعة، معروفة بمساهماتها الكبيرة في حقوق الدستور وإصلاحات العدالة الاجتماعية، حقوقية وإنسانوية، ودماغ قانوني فذّ، وهي إذ تشكّل مكسباً كبيراً لبلادها جنوب أفريقيا، فهي بالنسبة لفلسطين وأهلها رمزٌ يبدأ من حيث “الشهداء” الذين رفعت بيرَقهم وهم عنوان هذا الشعب المكافح منذ عقود.
“مستوى القتل (الإسرائيلي) واسع النطاق للغاية”، هكذا بادرت هاشم هيئة المحكمة في البداية خلال قيادتها للمرافعة التي قدّمتها جنوب أفريقيا ضد “إسرائيل” أمام محكمة العدل الدولية.
هي سابقة تاريخية يوضع فيها الاحتلال بقفص الاتهام، ويكشف أمام العالم أجمع حجم الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي تتواصل في غزة.
-ذكّرت المحامية المدافعة عن حقوق الإنسان أمام ملايين المشاهدين عبر قنوات العالم، أنّ غزة التي يعيش فيها ما يربو عن مليوني نسمة، هي “شريط ضيّق” لا تتخطى مساحته 365 كم² ويبلغ طوله نحو 41 كيلومتراً وعرضه يتراوح بين 6 كيلومترات وصولاً إلى 12 كيلومتراً فقط، تتلقّى ما تتحمّله البشرية من نار وقنابل تضاهي قنبلتي “ناكازاكي” و”هيروشيما”.
-قالت إنّ “إسرائيل مستمرة في السيطرة على الأجواء والمياه الإقليمية في غزة”، موضحةً أنها “شنّت على غزة هجمات تعد الأعنف في التاريخ، والإجراءات الإسرائيلية تجعل الحياة في غزة غير ممكنة، وهي تتطابق مع جرائم الإبادة الجماعية”.
-أشارت إلى أنّ “عدد الضحايا المدنيين في غزة يعد الأكبر على مستوى العالم خلال فترة زمنية محدودة، وأنّ “الفلسطينيين الذين رفضوا مغادرة منازلهم في غزة تعرّضوا للقتل أو هم مهدّدون دائماً بالقتل”.
– فضحت طلب “إسرائيل إخلاء المستشفيات الذي يعدّ من إجراءات الإبادة الجماعية“، وأشارت إلى أنّ “المجاعة منتشرة في صفوف 97% من سكّان غزة، وإسرائيل مستمرة في منع وصول المساعات الغذائية والطبية إلى غزة عبر القصف المستمر، كما أن الغزيين ممنوعون من الوصول إلى المياه النظيفة والملاجئ النظيفة”.
وفي وقتٍ ظهر الإرباك والامتعاض لا بل الحنق على وجه ممثّل “إسرائيل في لاهاي، فإن هذه المعلومات الهامة والواقعية غابت عن تصريحات زعماء ورؤساء ومسؤولين وإعلاميين عرب!
-أسهبت هاشم، فكانت وفيّة لشرفها الإنساني وحرّة كما انتصرت بلادها على نظام الفصل العنصري، ما حدا بـ كريغ مخيبر، المسؤول الدولي الذي استقال احتجاجاً على تعاطي الهيئات الأممية مع الوضع في قطاع غزة، إلى القول إنّ “جنوب أفريقيا تتحدّى بدعوتها ضدّ الإبادة الجماعية الإسرائيلية في المحكمة”، واصفاً الدعوى بـ “صدع في جدار الإفلات من العقاب منذ 75 عاماً”.
تاريخ نضالي
تصف عديلة، الفصل العنصري الذي ينفّذه كيان الاحتلال في فلسطين بأنه أبشع مما حدث في جنوب أفريقيا بالقرن الماضي.
وحول ارتباطها بالقضية، تقول عديلة هاشم في تصريحات صحافية لها: إنّ “ارتباطها بالقضية الفلسطينية يعود إلى مجزرة الخليل منذ تسعينيات القرن العشرين.
شاركت عديلة في تأسيس مركز للقانون غير الربحي في 2010، والذي يركّز على مجالات الرعاية الصحية والتعليم والأقليات، ولها تاريخ طويل في دعم حقوق الفلسطينيين.
عام 2014 شاركت في وفد منظمة “افتحوا شارع الشهداء” من جنوب أفريقيا، التي تعارض الاستيطان، فشاركت في رحلة إلى فلسطين بهدف الوصول إلى مدينة الخليل.
والمعروف أن “هذه الرحلة كانت جزءاً من المشاركة في الاحتجاج الدولي السنوي الخامس تحت شعار “افتحوا شارع الشهداء”، وهو الشارع الذي تقيّد فيه سلطات الاحتلال الحركة ويقتصر السماح بالمرور فيه على المستوطنين الإسرائيليين في مستوطنتي “كريات أربع” و”أڤراهام أڤينو”.
من هي عديلة هاشم؟
-وُلِدت المحامية عديلة هاشم في عام 1965 بمدينة دربن، بمقاطعة ناتال الجنوب أفريقية.
-حصلت على بكالوريوس القانون من جامعة ناتال في دربن، وفي أواخر سنة 1980 فازت بزمالة فرانكلن توماس لتدرس ماجستير الحقوق من جامعة درو في الولايات المتحدة والذي حصلت عليه في العام 1999.
-تابعت مسيرتها التعليمية بالحصول على ماجستير القانون من جامعة سانت لويس. ثم فازت بمنحة لدراسة دكتوراه القانون في جامعة نوتردام في الولايات المتحدة، وقد حصلت على الدكتوراه في القانون عام 2006.
-منذ حزيران/يونيو عام 2003، أصبحت عديلة هاشم عضواً في نقابة محامي جوهانسبرغ. وتشمل مجالات ممارستها المفضّلة القانون الدستوري والقانون الإداري والصحة والمنافسة، وقد مثلت عديلة هاشم في مسيرتها المهنية أمام أقسام مختلفة من المحكمة العليا والمحكمة الدستورية الجنوب أفريقية.
-وتعد عديلة هاشم محامية جنوب أفريقية مشهورة، معروفة بمساهماتها الكبيرة في حقوق الدستور وإصلاحات العدالة الاجتماعية.
-شاركت في تأسيس مركز القانون غير الربحي “القسم 27” في عام 2010، حيث تركّز على التقاضي في المصلحة العامة، خاصةً في المجالات المتعلقة بالرعاية الصحية والتعليم للمجتمعات المهمّشة. أدّت عديلة دوراً محورياً في العديد من الدعاوى القضائية عالية الشهرة، بما في ذلك مأساة “لايف إسيديميني“.
ومأساة Life Esidimeni أسفرت عن وفاة 144 شخصاً في مرافق الطب النفسي في مقاطعة غوتنغ بجنوب أفريقيا لأسباب تشمل الجوع والإهمال.
ناشطون: رصانة ومنطق مثبت بالحجج والوقائع
وتداول روّاد مواقع التواصل والنخب والمثقفون مرافعة عديلة هاشم أمام العدل الدولية، واستشهدوا بسيرتها الذاتية المميّزة في جنوب أفريقيا في كل الملفات المتعلقة بحقوق الإنسان، مشيدين بالمرافعة المتماسكة والقوية وبالأدلة القاطعة التي وضعتها بين يدي المحكمة بكل ثقة وحرفية مشهودة.
قال أحدهم، “مرافعة تاريخية بمحكمة العدل الدولية في لاهاي قدّمتها المحامية عديلة هاشم من جنوب أفريقيا ضد جرائم “إسرائيل”، لأول مرة بالتاريخ تحاكم فيها على أنها مجرمة حرب”.
محمد ولد المحجوب قدّم للمقطع “الأهم في المرافعة التاريخية التي قدّمتها عديلة هاشم ، المحامية الجنوب أفريقية في محكمة العدل الدولية اليوم، هدوء ورصانة ومنطق مثبت بالحجج والوقائع…! شكراً جنوب أفريقيا”.
نصر البو سعيدي قال “لا تنسوا من ذاكرتكم المحامية البطلة عديلة هاشم من دولة جنوب أفريقيا التي دافعت بشراسة عن أهل غزة.. باركها الرحمن وكلّ أبطال مرافعة اليوم بمحكمة العدل الدولية”.
واليوم الجمعة، أعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 23 ألفاً و357 شهيداً، إضافة إلى 59 ألفاً و410 مصابين.
ووفق مكتب الإعلام الحكومي في غزة، فإنّ هناك 7 آلاف مفقودٍ، 70% منهم من الأطفال والنساء، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة منذ أكثر من 3 أشهر.
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، في حديث إلى الميادين، إنّ الاحتلال الإسرائيلي يحكم بالإعدام على 800 ألف نسمة في شمال قطاع غزة، نتيجة الانهيار المستمر للقطاع الصحي في ظل القصف الإسرائيلي وغياب المساعدات الطبية.
المصدر : الميادين