حول العالم
تبشير “حداثي” بالقضية الفلسطينية.. الأتراك يكرهون التكرار
يَحتار البعيد من فلسطين كيف يساهم بدعم أهلها. البعض لا يكترث أصلاً، والبعض الآخر اختار أن يطلق حملات تضامن في مواقع التواصل الاجتماعي، فيما غيرهم من الأتراك تحديداً، عمل على محاور ثلاثة: التظاهر تنديداً بالجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، ومقاطعة عملية لبضائع الشركات التي تدعم دولة إسرائيل، وتنظيم نشاطات ثقافية متعدّدة تبشّر بالقضية الفلسطينية.
في الحالات الثلاث، لعب الإعلام التركي المحلي كما الجالية العربية في تركيا، دوراً رائداً في مجال رفع شأن القضية الفلسطينية. لا يعني ذلك، بمطلق الأحوال، أن هذه النشاطات تفيد كثيراً في ثني إسرائيل عن ممارسة إجرامها المعتاد، إلا أنه بالمقارنة مع بقية الدول العربية والإسلامية، يبدو الأتراك وجاليتهم العربية الأكثر نشاطاً، حماساً وحداثية في هذا المجال.
حراك ثقافي
انتهى الزمن الذي كان النضال الجماهيري يقتصر على تنظيم وقفات تضامنية يتخللها حرق علم إسرائيل وصورة رئيس حكومتها. بل بات الإعلام التركي يُضيء على تنظيم لقاءات ثقافية تبشّر بالقضية الفلسطينية، من دون إهمال أهمية الوقفات الاحتجاجية في آن.
أحد النشاطات الثقافية الكثيرة مثلاً، هي تسليط الضوء على “متحف فلسطين” الذي بات مركزاً لرواد الثقافة والتراث الأتراك كما السياح العرب والأجانب، وهو الذي يضم مقتنيات وخرائط وصور وملابس تقليدية فلسطينية تؤكد حق هذا الشعب في الوجود وبناء دولة. إضافة إلى ذلك، نُظمت خلال الشهرين الأخيرين، عشرات الندوات وورش العمل والمؤتمرات حول فلسطين، حرب غزة، ومخاطر الاستيطان، سواء في الجامعات والبلديات التركية، أو في المراكز الحزبية والدور الثقافية.
أبو عبيدة
لم يُهمل الأتراك وإعلامهم، المتحدث الرسمي باسم الجناح العسكري لحركة حماس، “أبو عبيدة”، بل أنتجوا له أغنية باللغة التركية، كتبها عضو البرلمان التركي والموسيقي يوجيل أرزان، وتقول في مطلعها: “سلام على أبو عبيدة، سلام على أسد الله. القائد البطل لجيش اليتامى، من يُحاسب إسرائيل ورأسه مرفوع نحو النجوم، ومن يأتي من الجوّ والبحر ليهدم الجبال على رؤوسهم”.
لم يُهمل الأتراك وإعلامهم، المتحدث الرسمي باسم الجناح العسكري لحركة حماس، “أبو عبيدة”، بل أنتجوا له أغنية باللغة التركية، كتبها عضو البرلمان التركي والموسيقي يوجيل أرزان، وتقول في مطلعها: “سلام على أبو عبيدة، سلام على أسد الله. القائد البطل لجيش اليتامى، من يُحاسب إسرائيل ورأسه مرفوع نحو النجوم، ومن يأتي من الجوّ والبحر ليهدم الجبال على رؤوسهم”.
ولا تقتصر الأغنية على الثناء على “أبو عبيدة”، بل تضيء على القضية الفلسطينية وجرائم إسرائيل في أكثر من مقطع فيها، فيما لحنها قوي وسريع نسبياً وموزّع على آلات موسيقة غربية صاخبة، وكان قد تم محو الأغنية من بعض المواقع الإلكترونية الأجنبية، مثل “يوتيوب” إذ اعتُبرت أنها تحضّ على العنف والكراهية.
مقاطعة ومظاهرات
على جبهة أخرى، عمّمت الجالية العربية في فلسطين لوائح المنتجات وأسماء الشركات التي يملكها إسرائيليون أو الداعمون مادياً لإسرائيل. في معظم الدول العربية، رُفع شعار المقاطعة لمؤسسات وبضائع الشركات الأجنبية الداعمة لتل أبيب، من دون تسميتها بشكل حقيقي، إنما في تركيا، تم تعداد هذه الشركات وتقديم بدائل عن منتجاتها من الشركات التركية المحلية، وأُرسلت تلك اللوائح المفصّلة إلى مجموعات التواصل الاجتماعي بشكل مكثف.
على جبهة أخرى، عمّمت الجالية العربية في فلسطين لوائح المنتجات وأسماء الشركات التي يملكها إسرائيليون أو الداعمون مادياً لإسرائيل. في معظم الدول العربية، رُفع شعار المقاطعة لمؤسسات وبضائع الشركات الأجنبية الداعمة لتل أبيب، من دون تسميتها بشكل حقيقي، إنما في تركيا، تم تعداد هذه الشركات وتقديم بدائل عن منتجاتها من الشركات التركية المحلية، وأُرسلت تلك اللوائح المفصّلة إلى مجموعات التواصل الاجتماعي بشكل مكثف.
هذه الأساليب الحداثية من النضال، التي تركّز على الفن والثقافة والمقاطعة الاقتصادية، لم تمنع الركون إلى الأساليب التقليدية أيضاً، خصوصاً في مجال الوقفات الاحتجاجية والتظاهر والصراخ في الشوارع أمام مراكز السفارات وفي الساحات العامة.
هذا وكانت تقارير أجنبية وعربية أفادت بأن أكثر المدن التي شهدت مظاهرات ضخمة دعماً لقطاع غزة وتنديداً بجرائم إسرائيل، جرت في لندن واسطنبول، فيما هذه الأخيرة كانت قد أخذت حيزاً مهماً في مجال التغطية الإعلامية المحلية وحتى العالمية، وتحديداً مظاهرة 28 تشرين الأول/أوكتوبر المليونية التي دعا إليها حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في مطار إسطنبول.
يُبدي الأتراك والجاليات العربية في تركيا ميلاً واضحاً لنقل أدوات النضال إلى مجال أرحب، بعيد بعض الشيء من التقليد والتكرار. يساهم الإعلام التركي في هذا الإطار، ويكترث جداً لتسويق هذه الأساليب غير العنفية، فيما يبقى دعم القضية الفلسطينية واحداً من المسائل النادرة التي يجتمع عليها المعارضون للحزب الحاكم والموالون له.
المصدر : المدن