لم يشكل تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن “نيران الجحيم” ستنهمر على غزة، أي مفاجأة، فـ”نار الجحيم” هي بالضبط ما يعاني منه 2.2 مليون فلسطيني محاصرون في غزة، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة.
وبحسب صحيفة “The Hill” الأميركية، “منذ السابع من تشرين الأول، قُتل أكثر من 11 ألف فلسطيني في غزة، وأصيب أكثر من 25 ألفًا، كما وتم استهداف مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها ما لا يقل عن 235 مرة. واليوم، أكثر من 60 بالمائة من مرافق الرعاية الأولية خارجة عن العمل، كما وتم تقييد معظم ضروريات الحياة منذ أن فرضت إسرائيل حصارا على القطاع في عام 2005. وتم تشديد هذا الحصار بشكل أكبر في 10 تشرين الأول، مما ترك الناس دون ما يكفي من مياه الشرب والصرف الصحي والإمدادات الطبية والكهرباء والوقود والغذاء، كما وتم طرد أكثر من مليون فلسطيني من منازلهم في عملية نقل قسري للسكان”.
وتابعت الصحيفة، “عبر الفلسطينيون وأصحاب الضمائر الحية في كل أنحاء العالم عن غضبهم تجاه ما يجري من فظائع في
غزة، لكن احتجاجهم قوبل بالرفض من الزعماء الغربيين،ومنهم الرئيس الأميركي
جو بايدن، الذين يحاولوا تأجيج العنف بدعمهم غير المشروط
لإسرائيل ورفضهم الدعوة إلى وقف إطلاق النار. فكيف يمكن لبايدن، الذي يقدم نفسه كرئيس عقلاني، أن يكون مرتاحًا إلى هذا الحد مع مقتل الفلسطينيين؟ وهل أصبح غير مبالٍ بالقصف الجماعي والعشوائي الذي تلحقه
إسرائيل بالمدنيين المحاصرين في
غزة، والعديد منهم من الأطفال؟ وأين الغضب والتعاطف تجاه الفلسطينيين الذين تضطهدهم
إسرائيل منذ عقود؟”.
ورأت الصحيفة أن “الأزمة الحالية في
غزة لم تبدأ في السابع من تشرين الأول. فمنذ تأسيس الدولة في عام 1948، قامت
إسرائيل ببناء وصيانة نظام متعدد المستويات من القمع العنصري ضد الفلسطينيين، والذي أعلنت العديد من جماعات حقوق الإنسان أنه يرقى إلى جريمة الفصل العنصري. ومع ذلك، فإن الحكومات الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، لم تلتزم الصمت إلى حد كبير تجاه انتهاكات
إسرائيل الفظيعة المستمرة لحقوق الإنسان فحسب، بل ساعدتها وشجعتها بنشاط لعقود من الزمن. إن ما يحدث الآن هو نتيجة لأيديولوجية التفوق العنصري المقترنة بالقوة لفرض الهيمنة العنصرية. وفي الواقع، هذا هو المسار الذي سلكته
إسرائيل بدعم عسكري من الولايات المتحدة”.
وبحسب الصحيفة، “إن هذه الهيمنة العنصرية القسرية غير مستدامة. فمع تزايد عدد القتلى في غزة
كل يوم، ومع الهجمات التي تشنها
إسرائيل على مخيمات اللاجئين، ومع نزوح ما يقدر بنحو 1.4 مليون شخص، ومع استمرار عمليات الاعتقال والتعذيب والقتل في الضفة الغربية، فإن
إسرائيل تعمق العداء الذي يشعر به الفلسطينيون. العالم، أخيراً، يستيقظ. وفي الوقت الذي يشرب فيه الأطفال من مياه البحر، والذي يجري الأطباء فيه العمليات الجراحية دون تخدير، وفي الوقت الذي تتحول فيه مخيمات اللاجئين إلى ركام، قد تنجح
إسرائيل في “محو حماس من على وجه الخريطة”، ولكن شيئاً آخر سوف يظهر عوضاً عنها. إن استمرار تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم سيؤدي إلى مزيد من الصراع والألم والعنف للجميع. فهل سيعترف بايدن بإخفاقاته في منع اندلاع الأزمة الحالية من خلال عدم التحدث علنًا أو اتخاذ إجراءات ضد الظلم الذي يواجه الفلسطينيين؟”.
وتابعت الصحيفة، “في خلال السنوات العديدة التي قضاها في مجلس الشيوخ والبيت الأبيض، أتيحت لبايدن فرصة كبيرة للدعوة إلى وضع حد للقمع الوحشي الذي تمارسه
إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، لكنه لم يفعل ذلك. وها هو الآن يهدر فرصة أخرى للمطالبة بالعدالة للشعب الفلسطيني المتحرر من الهيمنة الإسرائيلية. لم يفت الأوان بعد بالنسبة لبايدن للمطالبة بوقف إطلاق النار ودفع
إسرائيل نحو الاعتراف بالحاجة إلى الحرية الفلسطينية. وفي الحقيقة، هذا هو السبيل الوحيد للخروج من هذا المستنقع المدمر. لقد حان وقت القيادة. ويجب على
إسرائيل أن تتخذ خطوات حتى لا يرتكز وجودها بعد الآن على هيمنة الفلسطينيين واستعبادهم، وإذا استمرت في الانحدار إلى أدنى القيم الإنسانية، في سعيها إلى استكمال الإبادة الجماعية التي بدأتها في عام 1948، فسوف تجد نفسها أكثر عزلة وعرضة للخطر من أي وقت مضى”.
وختمت الصحيفة، “يجب على بايدن أن يحث
إسرائيل على تغيير مسارها والموافقة الفورية على وقف إطلاق النار وإنهاء الحصار والاحتلال الإسرائيلي”.
المصدر : لبنان٢٤