منوعات

لجوءٌ لا ملاجئ في لبنان… والله وحده الملجأ

نعرف قاعدة «العين بالعين والسنّ بالسن والبادي أظلم»، وسمعنا بقواعد الإشتباك، وقرأنا المهاتما غاندي يقول: إن مبدأ العين بالعين يجعل كلّ العالم أعمى، ونسمع عن المعاملة بالمثل.. لكن، حين نصل إلى موضوع الملاجئ التي قد تأوي الناس وتحميهم حين توضع الأصابع على الزناد، نرى الجميع يغردون في ميل ولبنان وحيداً يعضّ على شفتيه في الميل الآخر. فحتى عدالة وجود الملاجئ مفقودة وإذا راجعنا يقولون لنا: الله هو الملجأ، وهذا يكفيكم!

الله- الله الذي هو في السماء- الملجأ والأمان والمتكأ دائما لكن، يا عالم يا هو، في زمن الحروب أو التلويح بحروب نحن بحاجة الى ملاجئ من باطون نحتمي بها من خطر عسكري داهم، قد يحصل وقد لا يحصل، لكنه يلوح. في الجوار، عند العدو، يسمعون صفارات الإنذار فيهرعون الى الملاجئ المحصّنة في كل مبنى وحيّ وبلدة. هنا لا صفارات إنذار. فالى أين نلجأ حين تدوي القذائف والغارات؟ هل هناك قانون أو نصّ أو مرسوم يُحدد ضرورة إنشاء ملجأ في بلد أصابع بعض من فيه دوما على الزناد؟

ترى هل يعرف نقيب المهندسين في بيروت عارف ياسين شيئاً عن تراخيص المباني المطلوب أن تضم ملاجئ؟ هناك من نصحنا بعدم الإتصال به «لأنه لا يجيب». لم نصدق وقلنا: هو نجح باسم «النقابة تنتفض» ولا بُدّ أن يكون هاتفه ومكتبه مفتوحين. إتصلنا على الخليوي وعلى الواتساب وعلى الخليوي من جديد وعلى الواتساب فلم يجب. صدق من قال ونصح.

ماذا يقول نقيب المهندسين في طرابلس والشمال المهندس بهاء حرب عن بناء الملاجئ بحسب القوانين المرعية الإجراء؟ يجيب «يفترض أن يكون في كل منطقة «زون» يضم ملاجئ ومواقف سيارات تحدد بموجب ترخيص من التنظيم المدني من أجل السلامة العامة. يضيف: منذ عشرة اعوام أصبح لزاماً وجود مكتب يدقّق في مدى توافر السلامة العامة، وما إذا كانت المباني مقاوِمة للزلازل وتضم نظام إطفاء للحرائق، والتأكد من توافر الملجأ في المبنى المنوي تشييده».

ما يحصل الآن أن المبنى الذي يلحظ وجود ملجأ يعود ويؤجره كمستودع «ديبو». هذا ما قاله النقيب حرب مشيراً الى «أن المشكلة هي في عدم ملاحقة تطورات البناء بعد إعطاء الترخيص. هناك مبانٍ تخلت عن ملاجئها طوعاً وهناك مبان معرّضة لعوامل الطبيعة المختلفة لذا، طلبنا من لجنة الأشغال ووزارة الداخلية الطلب من البلديات عدم إعطاء تراخيص إلا بعد التأكد من السلامة العامة. يجب إجراء الكشف على المباني كل خمس سنوات أسوة بدفتر القيادة الذي يُجدد كل فترة بعد سن الخمسين. نحن نكشف على سيارتنا سنوياً، ونبدّل الزيت في السيارة كل ستة آلاف متر، فلماذا لا نطبّق نفس الشيء على المبنى الذي يضم أغلى ما نملك: أسرنا «.

معه حقّ النقيب حرب. نحن في خطر حقيقي. المباني «ما تهزها واقفة ع شوار» فقولوا الله وصلوا له كثيراًلا ملجأ لكم إلا هو.

ماذا عن «الجنوب المقاوم» واقعياً الذي تركته الدولة في سبعينات القرن الماضي وعادت إليه ثم عادت وتركته في قلب معادلة الحرب و»في وجّ المدفع»؟ هل إحتمت ببناء ملاجئ على الاقل فيه؟

كم تمنينا أن نسمع أن صفارات الإنذار تدوّي في الجنوب لكن، للأسف، لا صفارات إنذار في لبنان كله لا في الجنوب فحسب. أما الملاجئ التي بنيت بموجب مرسوم قديم – أعفى من يدفع غرامة ماليّة من بناء ملجأ – فاستخدمت في تربية المواشي وفي وضع السماد الزراعي. هي كانت كناية عن غرفة إسمنتية متواضعة وما عادت على ما قال مواطن جنوبي يسكن في الشريط «تصلح حتى لطلقة من رشاش حديث».

الملاجئ لها مواصفات غير متوافرة في ما وجد منها. فماذا وجد؟ يقول النقيب حرب: «نظام التهوئة غير موجود. نظام الإطفاء غير موجود. وسلّم الهروب غير موجود. ويستطرد: غالبية المباني التي شًيدت في العقدين الماضيين تضم ملاجئ لكنها حُوّلت الى مستودعات. أُجّرت. ولا تصلح اليوم لتكون مكاناً للحماية».

الوضع لا يُبشّر بالخير. فهل هناك من يعمل لتبديل الوضع ومواجهة ما هو أسوأ؟ قصدنا دائرة المهندسين في حركة أمل لسؤالها عن الجنوب. سألنا رئيسها (السابق) حسان صفا فقال: «لا ملاجئ في الجنوب. هناك إيواء. ثمة مدارس للراهبات في النبطيه، ومن نزحوا من الشريط عملنا على إيجاد غرف فندقية لهم إذا كان عدد أفراد العائلة قليلاً أما الأسر الكبيرة فأوجدنا لها بيوتا. ويستطرد: لا ملاجئ في الجنوب وفي كل لبنان. هناك لجوء لا ملاجئ».

من يريد أن يجد مكان لجوء (لا ملجأ طبيعياً) في الجنوب فليس عليه إلا أن يتصل بالمسؤول عن الخدمات في حركة امل في الجنوب. هذا ما طلبه المهندس حسان صفا «وكل شيء يتدبّر».

في وقتٍ نشعر نحن، في لبنان، بأننا في فوهة المدفع بلا ملاجئ نسمع عن ملاجئ العدو «5 نجوم»، ونسمع أيضا عن ملاجئ «الشقيقة». هناك، في دمشق، يخبرون عن صافرات إنذار عددها 64 منها 15 خارج الخدمة اليوم، و39 قيد الصيانة. ويتحدثون عن 103 ملاجئ موزعة على الأحياء. في دمشق مفاجأة أيضا – شبيهة بالمفاجأة اللبنانية – معظم ملاجئ دمشق مؤجرة كـ»سوبرماركت». ألا يقال أن سوريا ولبنان شقيقان؟ في اللاذقية ثلاثة ملاجئ، إثنان يتسعان لـ 1000 شخص والثالث يستوعب ثلاثة آلاف. هذا الخبر صدر عن مدير الدفاع المدني في اللاذقية، والناس ردوا: هذا مجرد كلام لا حقيقة له. لا يصدق الناس في سوريا وفي لبنان أن الدولتين تهتمان بهم. هذا حقهم فالتجارب كثيرة الدالة الى كلام كثير وفعل قليل.

هل تتطوّر الحرب؟ صلوا كثيراً. تضرعوا الى ملجئكم الوحيد: الله. فسلطة لبنان التي سرقت أموال اللبنانيين وغير اللبنانيين مما وثقوا بنظامها المصرفي مستعدة أن تترك كل هؤلاء ينزلقون في الهاوية بلا مأوى ولا ملجأ ولا متكأ. اللبنانيون في عين العاصفة والدولة في عالمٍ غير واقعي من «زمان وجاي».

المصدر : نداء الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى