حول العالم

غزة وسلاح يوم القيامة.. وميضان “مجهولان” في المحيط الهندي

يبدو أن غزة التي حولها الإسرائيليون بالقصف الجوي والمدفعي البري والبحري وعمليات التوغل البري المتواصلة والعنيفة إلى أكوام من الركام، قد أخرجت الإسرائيليين عن أطوارهم بصورة فاضحة.

بعض الخبراء الذين علقوا على تصريح المسؤولين الإسرائيليين في مناسبتين متتاليتين عن إمكانية استعمال سلاح نووي ضد غزة، عزوا الأمر إلى اعتقاد البعض أن تلك الطريقة هي الوحيدة لهزيمة حركة حماس التي تعمل في منطقة مكتظة بالسكان، ويتمركز مقاتلوها في أنفاق تحت الأرض.

الخبير العسكري إيغور نيكولين، في محاولة للتنبؤ برد الفعل الدولي، أكد أنه على يقين من أن الولايات المتحدة وبريطانيا ستقفان إلى جانب إسرائيل حتى النهاية، بغض النظر عما تفعله، في حين أن بقية حلفاء تل لأبيب سينتشر بينهم الارتباك والتذبذب في حال أقدمت الدولة العبرية على إلقاء قنبلة نووية “تكتيكية” على قطاع غزة، “على الأقل ستحاول فرنسا وألمانيا بالتأكيد النأي بالنفس”.

الحديث عن إمكانية استعمال إسرائيل السلاح النووي ضد غزة، بدأ بدعوة بهذا الشأن من قبل عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود الحاكم تالي غوتليب.

هذه السياسية الإسرائيلية كانت حرضت في عدة تغريدات على منصة “إكس” قائلة: “صاروخ أريحا! صاروخ أريحا! إنذار استراتيجي. قبل التفكير في إدخال القوات. سلاح يوم القيامة! هذا رأيي”، ومضت في تغريدة أخرى تحث على “القيام بكل شيء واستخدام أسلحة يوم القيامة بلا خوف ضد أعدائنا”.

لاحقا، تبعها وزير القدس وشؤون التراث في إسرائيل، عميحاي إلياهو، متحدثا عن إمكانية استخدام الأسلحة النووية ضد غزة، الأمر الذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي في معرض انتقاده له بأنه “منقطع عن الواقع”، في حين حاول الوزير عميحاي إلياهو لاحقا التراجع والزعم بأنه “يجب أن يكون واضحا لأي شخص عاقل أن الملاحظة حول القنبلة الذرية كانت مجازية”، فيما بقي ثابتا موقفه الذي عبر عنه في نفس التصريح والمتمثل في رفضه تقديم إي مساعدات إنسانية لسكان القطاع، وتأكيده على عدم وجود “مدنيين غير متورطين” في قطاع غزة!

الخبير فاسيلي أوستانين غولوفنيا قال في هذا السياق: “إن حجم الدمار في غزة خلال العملية العسكرية للجيش الإسرائيلي مرعب من وجهة نظر الوضع الإنساني حتى من دون أسلحة نووية. مبدئيا، إذا استمرت إسرائيل بنفس الروح، مع مراعاة مخزوناتها من الأسلحة، فلن تكون هناك حاجة إلى أسلحة نووية لتدمير المباني السكنية”.

أما المستشرق أرتيم كيربيتشنوك فقد لفت إلى سياسة الغموض الإسرائيلية حيال حيازتها على أسلحة نووية، وحرصها التقليدي على عدم الاعتراف بذلك وفي نفس الوقت عدم الإنكار.

وبهذا الشأن أوضح أنه “من المعروف أن الفرنسيين بنوا لإسرائيل مفاعلا نوويا في ديمونة في عام 1960. ثم وقع حادث في المحيط الهندي، حيث تم اختبار قنبلة نووية. وأخيرا، كانت هناك قصة الفني النووي الإسرائيلي مردخاي فعنونو، الذي ادعى أن بلاده تمتلك أسلحة نووية، وبعد ذلك تم اختطافه في إيطاليا ونقل إلى إسرائيل”.

هذا الخبير أشار أيضا إلى أنه “استنادا إلى البيانات المتاحة اليوم، هناك احتمال أن إسرائيل لا يزال لديها عدد من الأسلحة النووية، ولكن السيناريو الوحيد الذي ستستخدم فيه أسلحة الدمار الشامل هذه هو حرب مع إيران”.

في مقابل عدد من الخبراء الذين حاولوا في هذه المناسبة إبعاد الشبهات عن إسرائيل والتقليل من خطورة الدعوة إلى استخدام “أسلحة يوم القيامة”  في قطاع غزة، كتب ماثيو غولت في صحيفة “vice” الإلكترونية قائلا : “في عام 1979، سجل قمر صناعي أمريكي خاص يستخدم للكشف عن التفجيرات النووية وميضين هائلين بالقرب من جزيرتا الأمير إدوارد في المحيط الهندي. ألقت إدارة (الرئيس الأمريكي جيمي) كارتر في ذلك الوقت، باللوم على خلل في القمر الصناعي. فيما يعتقد صحفيون وباحثون الآن أن الانفجار كان تجربة نووية مشتركة بين جنوب أفريقيا وإسرائيل”.

[ يلفت إلى أن ما جرى لا يعد المرة الأولى التي يتخلى فيها سياسي إسرائيلي عن التكتم عن امتلاك البلاد لترسانة نووية، ففي عام 2007، اعترف رئيس الوزراء آنذاك إيهود أولمرت بأن البلاد تمتلك أسلحة نووية في مقابلة على التلفزيون الألماني. “إيران تهدد بطريقة علانية وصريحة بمسح إسرائيل من الخريطة. يمكنك أن تقول أن هذا هو نفس المستوى، حين تطمح إلى امتلاك أسلحة نووية، كما أمريكا وفرنسا وإسرائيل وروسيا”.

بعد يوم واحد تراجع أولمرت عن تصريحه، واعتبر أن ما قاله لا يعد اعترافا من أي نوع ببرامج أسلحة نووية، وعاد إلى العبارة التقليدية الرسمية الإسرائيلية القائلة إن “إسرائيل لن تكون أول دولة تدخل أسلحة نووية إلى الشرق الأوسط… هذا هو موقفنا ولم يتغير شيء عن موقفنا”.

الكاتب أوضح أن إسرائيل كانت بدأت “في تطوير الأسلحة النووية لأول مرة في عام 1950. اشترت التكنولوجيا والمعلومات من فرنسا واستخدمتها لإقامة منشأة أبحاث بالقرب من مدينة ديمونة في عام 1958. لم تكن الولايات المتحدة سعيدة عندما علمت بالمنشأة، وبذلت إسرائيل جهدا لإخفاء هدفها الحقيقي عن واشنطن. الأعمال الداخلية لمصنع ديمونا سرية للغاية لدرجة أنه عندما تقدم أحد المبلغين عن المخالفات وتحدث إلى الصحافة البريطانية في عام 1986، اختطفه الموساد. أدين صاحب البلاغ، مردخاي فعنونو، بالخيانة في إسرائيل وقضى 18 عاما في السجن”.

ومضى ماثيو غولت في سرد “أسرار” البرنامج النووي الإسرائيلي  في الكواليس، مشيرا إلى أنه “بحلول أواخر عام 1960، كانت إسرائيل على وشك تحقيق طموحاتها النووية وتورط كيسنجر ونيكسون”.

بهذا الشأن تقول مذكرة لوزارة الخارجية الأمريكية كانت موجهة إلى وزير الخارجية هنري كيسنجر: “تشير المعلومات الاستخباراتية إلى أن إسرائيل تطور بسرعة قدرة على إنتاج ونشر أسلحة نووية، وايصالها بصواريخ أرض-أرض أو بالطائرة”.

أما التطور اللافت في هذه القضية فيظهر في قصة “لقاء غامض”، وذلك لأن البيت الأبيض في ذلك الوقت كان يعتقد بوجود ضرورة لـ “التحقق من طموحات إسرائيل النووية. شعرت إدارة نيكسون المبكرة بالشيء نفسه، لكن الأمور تغيرت بعد أن التقى نيكسون برئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مئير في عام 1969. لا يوجد سجل مكتوب لما حدث خلال ذلك الاجتماع، ولكن بعد ذلك توقف البيت الأبيض عن الضغط على إسرائيل لوقف برنامجها للأسلحة النووية”.

المصدر: RT

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى