حملة لمقاطعة البضائع الغربية: هل قتلتَ اليوم فلسطينياً؟
وقالت جنى: “لقد بدأنا بمقاطعة كل المنتجات التي تدعم اسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين. لا نريد أن تساهم أموالنا في مزيد من المعارك” مشيرةً إلى أنها تبحث عن منتجات محلية بدلاً من تلك المستوردة المرتبطة بحلفاء إسرائيل وخصوصاً الأميركية.
وانتشرت دعوات المقاطعة بشكل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً “تيك توك”، واكتسبت الحملة زخماً كبيراً في العالم العربي منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إثر هجوم غير مسبوق شنته حركة “حماس” داخل الأراضي الإسرائيلية أسفر عن مقتل 1400 شخص بينهم نساء وأطفال قضوا في اليوم الأول للهجوم.
ومنذ ذلك تشن إسرائيل قصفاً مدمراً ومتواصلاً على قطاع غزة المحاصر ما أدى إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص نصفهم أطفال، وفق آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة التابعة لـ”حماس”. وتنديداً بالقصف الإسرائيلي، ترافقت حملة المقاطعة مع دعوات للدول العربية لقطع علاقاتها بإسرائيل، في حين تشهد دول في الشرق الأوسط وأوروبا إضافة إلى الولايات المتحدة تظاهرات أسبوعية تضامناً مع الفلسطينيين.
واستدعت تركيا والأردن سفيريهما لدى تل أبيب، في حين أعلنت السعودية تعليق مفاوضات التطبيع. واستدعت جنوب إفريقيا دبلوماسييها للتشاور. وفي البحرين التي طبعت علاقاتها مع الدولة العربية العام 2020، أعلن مجلس النواب “وقف” العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، بينما لم تؤكد الحكومة الأمر.
إلى ذلك، تنتشر الدعوات للمقاطعة، التي يطلقها شباب متمرسون في مجال التكنولوجيا، في مواقع إلكترونية مخصصة وتطبيقات على الهواتف الذكية تحدد المنتجات التي يطالبون بعدم شرائها.
ويعمل ملحق لمتصفح “غوغل كروم” سمي “بالستاين باكت” (PalestinePact) ويعني “ميثاق فلسطين”، على إخفاء منتجات واردة في إعلانات عبر الإنترنت في حال كانت مدرجة في لائحة المقاطعة.
وتستخدم الطرق التقليدية أيضاً. فعلى جانب طريق سريع يتضمن أربع خطوط في الكويت، تظهر لوحات إعلانية عملاقة صوراً لأطفال ملطخين بالدماء. وأرفقت الصور بشعار صادم يقول “هل قتلت اليوم فلسطينياً؟” مع هاشتاغ #مقاطعون، في رسالة موجهة إلى المستهلكين الذين لم ينضموا إلى حملة المقاطعة بعد.
ويعتبر عضو “حركة مقاطعة الكيان الصهيوني” في الكويت مشاري الإبراهيم أن “ردود الأفعال الغربية بعد العدوان الذي استهدف غزة، عززت انتشار المقاطعة في الكويت، وولدت صورة ذهنية لدى الكويتيين بأن شعارات الغرب وما يردده عن حقوق الإنسان لا يشملنا”. وأضاف: “المقاطعة واضحة حتى الآن، وردود أفعال وكلاء العلامات التجارية داخل البلاد تؤكد تأثير” الحملة.
ووجدت سلسلة مطاعم “ماكدونالدز” نفسها هدفاً رئيسياً. والشهر الماضي، أعلن “ماكدونالدز” فرع إسرائيل أنه قدم آلاف الوجبات المجانية للجيش الإسرائيلي، ما أثار استياء الرأي العام العربي.
ونشرت فروع “ماكدونالدز” في عدد من الدول العربية بياناً صادراً عن مجموعة “ماكدونالدز العالمية” تؤكد فيه أن لا علاقة لها بـ”التصرف الفردي” من قبل الوكيل في إسرائيل، وأنها “لا تمول أو تدعم بأي شكل من الأشكال أي حكومات أو جهات داخلة في هذا الصراع”.
وأعلنت شركة “ماكدونالدز الكويت” وهي وكالة منفصلة، في بيان نشر في مواقع التواصل الاجتماعي، التبرع بخمسين ألف دينار كويتي، أكثر من 160 ألف دولار، إلى “أهلنا في غزة” مؤكدة أن متجرها “يقف مع فلسطين”.
وكذلك قدمت “ماكدونالدز قطر” مليون ريال قطري، أي نحو 275 ألف دولار “للمساهمة في جهود إغاثة أهالي غزة”. وفي قطر، أقفلت شركات غربية بعدما قامت إداراتها بنشر محتوى مؤيد لإسرائيل في شبكات التواصل. وأغلقت فروع مقهى “بورا فيدا ميامي” (Pura Vida Miami) الأميركي ومتجر “ماتر شو” (Maitre Choux) للحلويات الفرنسية أبوابها في الدوحة الشهر الماضي.
في مصر، لاقت شركة المياه الغازية المصرية “سبيرو سباتس”، التي كانت شعبيتها ضئيلة جداً، رواجاً كبيراً كبديل للعلامتين الشهيرتين “بيبسي” و”كوكاكولا”. ونشرت الشركة التي تأسست العام 1920، بياناً في صفحتها في “فايسبوك” يفيد بتلقيها أكثر من 15 ألف سيرة ذاتية عندما أعلنت طلبها موظفين جدداً لتلبية رغبتها في توسيع النشاط التجاري بعد الطلب الكبير على منتجاتها.
غير أن الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية حذر من أن المقاطعة قد يكون لها تأثير كبير في الاقتصاد المصري. وأكد الاتحاد في بيان أن “مثل تلك الحملات لن يكون لها أي تأثير في الشركات الأم” لأن الفروع المحلية تعمل بنظام الامتياز التجاري وبالتالي فإن “الأثر سيكون فقط على المستثمر المصري والعمالة المصرية”.
وانتشرت النكات والتعليقات الساخرة في هذا الصدد، فكتب مستخدم تعليقاً على إحدى صور منتجات عصير محلي، “هذه المقاطعة جعلتنا نتعرف على منتجات لم نكن نريد أن نتعرف عليها”.
وفي الأردن، انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تشير إلى العلامات التجارية التي تتهم بأنها تدعم إسرائيل مع شعار “لا تساهم في ثمن رصاصهم”. وفي أحد متاجر العاصمة عمان، حدق أبو عبدالله جيداً بزجاجة حليب. وقال لابنه عبدالله البالغ من العمر أربع سنوات، “هذا جيد، إنه مصنوع في تونس”. وأضاف “هذا أقل ما يمكن أن نفعله من أجل أشقائنا في غزة” مؤكداً أنه “ينبغي علينا المقاطعة”.