قبل الانتخابات الأميركية وبعدها.. دعم “إسرائيل” أولويّة واشنطن
تصدّرت المناظرة الانتخابية بين مرشحي الرئاسة الأميركية، الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب، وسائل الإعلام ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام، لما شهدته من تراشق للاتهامات بالقضايا الداخلية والخارجية بين المرشّحَين.
المناظرة الانتخابية التي تبادل فيها الطرفان الكثير من الاتهامات والشتائم في محاولة كلّ منهما لإظهار “حماقة” وفشل الآخر، أتت بلغةٍ فجّةٍ مبتذلةٍ عكست على نحوٍ لافتٍ المستوى الأخلاقي المتدنّي الذي يتمتّعان به، وهي وإن كان الهدف منها اللعب على الوتر النفسي لدى الجماهير وكسب دعمها، إلا أنها تبيّن بشكل واضح حقيقة وواقع ما يحاول الأميركيون تصويره للعالم الخارجي من مفاهيم احترام الرأي والديمقراطية وحرية التعبير وغيرها.
القضايا التي تناولتها المناظرة تمحورت حول ملف إدارة الاقتصاد، وحرب أوكرانيا وحرب غزّة، إضافةً إلى تلك المتعلّقة بالسياسة الخارجية والأمن الداخلي وقضايا المهاجرين والتضخم وقتل المواطنين السود وغيرها، كما تطرأ كلّ مرشح للحديث عن إنجازات عهده على صعد مختلفة.
من المضمون إلى الأداء. كان أداء بايدن غير ثابت وبدا متردّدًا في بعض الأحيان وتعثّر في الحديث أكثر من مرة، وافتقر خطابه للقوة والنشاط بعيدًا عن القدرة على التسلسل بالأفكار، إضافةً إلى الجهد الذي أبداه لتشتيت مخاوف الجماهير بشأن عمره، بينما على مقلب آخر، بدا ترامب أكثر ثباتًا وشراسة، خلال عرض مليء بالإهانات والتناقضات السياسية، كما وتجنّب تقديم إجابات مباشرة على الأسئلة المطروحة.
تغلّب أداء ترامب على أداء بايدن بدا واضحًا في هذه المناظرة، إذ أشار المراقبون إلى أن أداء ترامب كان أفضل بنسبة 67% مقابل 33 %، وهذا بالطبع ما كان يخشاه الديمقراطيون، لذا فإن الحديث عن ضرورة تنحي بايدن عن الترشح للرئاسة بدا جدّيًا بعد هذه المناظرة، حتّى أن أسماءً بديلة بدأت بالظهور إلى العلن، يأتي في مقدمتها نائب الرئيس كامالا هاريس التي ستكون من أبرز المنافسين على بطاقة الاقتراع في مثل هذا السيناريو، لكن أعضاءً بارزين في الحزب الديمقراطي استبعدوا، الأحد، استبدال الرئيس الديمقراطي ودعوا أعضاء الحزب إلى التركيز بدلًا من ذلك على تبعات فوز ترامب بولايةٍ رئاسيةٍ ثانية.
يبدو أن تفوّق ترامب في المناظرة سيكون له تداعيات وتأثير أيضًا على الوسط السياسي في الكيان المحتل وبالتالي العسكري، لا سيما على مستوى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي يراهن على ترامب، ويرى في كسب الأخير للمناظرة دافعًا له للمزيد من الجرأة ومواجهة الإدارة الحالية، مع العلم أن المرشحَين تنافسا خلال المناظرة الانتخابية على تقديم الدعم الكامل لـ”إسرائيل” في حربها على قطاع غزّة.
وفي هذا السياق، رأى ترامب أنه ما كان لحماس أن تهاجم “إسرائيل” لو كان هو في الرئاسة، مؤكدًا أن “إسرائيل” هي التي تريد مواصلة الحرب ويجب تركها تفعل ذلك حتّى تتمكّن من إنجاز مهمتها، متهمًا بايدن بأنه أصبح يتحدث كالفلسطينيين وواصفًا إياه بأنه “فلسطيني سيئ”، وعندما سُئل عما إذا كان يؤيد إقامة دولة فلسطينية مستقلة من أجل دعم السلام في المنطقة، أجاب “سأنظر في الموضوع”.
بايدن حاول أيضًا إظهار دعمه ودفاعه عن الكيان المحتل، حيث ذكر في هذا السياق أن حماس هي الوحيدة التي تريد استمرار الحرب في قطاع غزّة، وأنه يجب عدم السماح لها بالاستمرار في ذلك، كما رفض اتهام نتنياهو لواشنطن بأنها لم تدعم “إسرائيل” بما فيه الكفاية، من خلال التأكيد على أن الأسلحة الوحيدة التي رفض بايدن إرسالها لـ”إسرائيل” هي القنابل التي تزن 2000 رطل والتي لا ينبغي استخدامها في المناطق المأهولة بالسكان، واصفًا إدارته بأنها أكبر داعم لـ”تل أبيب”، مشيرًا إلى أنه أنقذها وقام بتوحيد العالم ضدّ إيران عندما هاجمت “إسرائيل”.
في هذا الإطار، نصل إلى نتيجة حتمية مكرّرة، وهي رغم اتّجاه أنظار العالم اليوم لمن سيفوز في المناظرات الانتخابية المقبلة وفي الرئاسة الأميركية في نهاية المطاف، لكن الحقيقة أن الرئيس الفائز سواء كان انتماؤه جمهورياً أم ديمقراطياً، فإن ذلك لن يؤثر بنسبة كبيرة على طبيعة ومستوى العلاقات مع الكيان المحتل، لأن هذا الكيان يتمتّع منذ نشأته “المؤقتة” برعاية واحتضان وتحكّم أميركي، وما نشهده من عمليات مدّ وجزر في العلاقات بين الطرفين لا يعكس سوى اختلافات في الخطط والعمليات وليس فعليًا في الإستراتيجيات والأهداف.
المصدر : العهد الاخباري