منوعات

تفعيل حزب الله دفاعاته الجوية ضدّ الطائرات الحربية “الإسرائيلية”.. جملة رسائل

لا يختلف اثنان على أهمية سلاح الجو بالنسبة لـ”إسرائيل” كقوة ضاربة تؤمّن للكيان تفوقًا نوعيًّا على دول المنطقة. وهو ما عمدت واشنطن والغرب إلى تأمنيه وصولًا إلى منح “إسرائيل” حق الموافقة من عدمه على تزويد واشنطن أيًّا من دول المنطقة بطائرات حربية متطورة، كما هو الحال مع سعي الإمارات إلى صفقة مع واشنطن لشراء طائرات إف ٣٥ الحديثة.

في الكيان، يفاخر قادته العسكريون والسياسيون باليد الضاربة، كما هو حال يوآف غالانت وزير الحرب، الذي جال في إحدى الطائرات فوق الأراضي اللبنانية، وسبق أن أشار للقوة الضاربة في أكثر من مناسبة وقدرتها على شن ضربات أينما تريد وفي العمق الذي تحدده، حتّى أبعد من لبنان.

في كثير من الأحداث التي عصفت بالمنطقة، سعى “الإسرائيليون” إلى المحافظة على حرية الحركة الجوية، وتحدثوا صراحة خلال محادثات في أوقات متباعدة مع الروس بين عامي ٢٠١٥ و٢٠٢٠ خصوصًا مع تكرار الحوادث فوق سورية، وتموضع قوات جوية روسية في هذا البلد.

منذ اشتعال الحرب في غزّة، وكما هو واضح، تركز عمل جيش الاحتلال على سلاح الجو، مطبقًا هناك “عقيدة الضاحية” التي ابتدعها غادي أيزنكوت، عضو مجلس الحرب، يوم كان يشغل منصب رئيس الأركان، والمقصود منها التدمير المفرط، والذي يقع على عاتق سلاح الجو تنفيذه، ولتنفيذه هو بحاجة لحرية حركة.

وفي لبنان، فإن مجمل الخروقات للقرار ١٧٠١ هي جوية، لما للعدو من حاجة استطلاعية واستخبارية عبر مسوحات جوية وربما المناورة على أهداف حقيقية.

قبل خمسة أعوام، أعلن السيد حسن نصر الله اتّخاذ المقاومة قرارًا بالتصدي للمسيرات “الإسرائيلية” على خلفية عدوان حصل في حيّ معوض في ضاحية بيروت في 25 آب/أغسطس ٢٠١٩ تمثل بإدخال مسيّرتين “إسرائيليتين” مفخختين فشلتا بتحقيق أهدافهما.
منذ ذاك الوقت، تصدت المقاومة، حيث يجب، لمسيّرات “إسرائيلية” محدّدة، ونجحت في إبعادها، مفرجة عن قدرة دفاع جوي لديها دون تبيان مستوياتها ومدياتها أو أنواعها.

خلال الحرب ما بعد السابع من تشرين، ومع تفعيل جيش الاحتلال سلاح المسيّرات بشكل قويّ للرصد وتحديد الأهداف لسلاح الجو وكذلك تنفيذ عمليات اغتيال بواسطة مسيّرات مسلحة، عملت المقاومة على إسقاط عدد من المسيّرات خلال فترات متفاوتة من بينها هيرمز ٤٥٠ وأيضًا هيرمز ٩٠٠، لكنّها لم تعمل على التصدي أو التعامل مع سلاح الجو المتمثل بالطائرات الحربية.
يوم الأربعاء، ٥ حزيران/يونيو ٢٠٢٤، أعلنت المقاومة في بيان لها، أنها تصدّت لطائرات حربية في أجواء الجنوب وأجبرتها على التراجع إلى خلف الحدود.

يعدّ هذا الحدث تطوّرًا نوعيًّا، وذا رسائل عالية السقف سواء في ما يتعلق بالظرف الحالي أو المستقبل، وكشف قدرة من هذا النوع، دون تفاصيل حول النوعية، يؤكد أن ثمة مفاجآت تنتظر الميدان، وهو ما يخضع للنقاش حاليًّا في داخل الكيان “الإسرائيلي”، فما هي الرسائل التي أرادت المقاومة إيصالها؟

١ –  أن المقاومة تمتلك قدرات دفاع جوية من صنوف مختلفة ولديها جرأة تفعيلها وهو ما حصل يوم الأربعاء.
٢ – إنذار لصناع القرار في “تل أبيب” لإعادة حساباتهم والتفكير جيّدًا قبل العدوان على لبنان.
٣ – أن المقاومة ومع مواصلة عمليات الإعماء عند الحدود وفي المناطق الخلفية لديها القدرة على تقييد حركة سلاح الجو “الإسرائيلي”.
٤ – أن للأمر حساباته المرحلية وكذلك المستقبلية، تحديدًا في ما يتعلق بما تسميه “إسرائيل” حرية الحركة في أجواء لبنان لضرورات أمنية، وتؤيده وتدعمه واشنطن. والمقاومة هنا كمن يقول إن أي حسابات عند تقديم أي مقترحات لتهدئة جنوب لبنان، بعد وقف العدوان على غزّة، يجب أن توضع ضمن أطرها التطور النوعي المتعلّق بالجو.
٥ – أن خطوة تفعيل دفاعات جوية والتصدي للطائرات الحربية يوجه رسالة تتعلق بالاعتداءات على سورية من خلال الأجواء اللبنانية، وهذا يعرف “الإسرائيليون” جيّدًا معناه.

لا شك أن الكثير من الحسابات “الإسرائيلية” ستخضع للمراجعة بعد خطوة حزب الله، رغم معرفة العدوّ بامتلاك المقاومة لدفاعات جوية، لكن ليس بالضرورة معرفة كامل ما لديها، خصوصًا أنها أبدعت على مدى سنوات طويلة في سلاح المفاجآت.

المصدر: العهد الاخباري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى