يومٌ من أيام الله ورجاله
ضجَّ الخبر: للمرة الأولى، وبصاروخ جو – أرض، المقاومة تستهدف موقع المطلّة وآلياته، إذ أعلنت المقاومة الإسلامية في لبنان عن استهداف موقع المطلّة وحاميته وآلياته بمسيّرة هجوميّة مسلّحة بصاروخين من طراز “S5”. وفي التفاصيل، أنه عند وصول المسيّرة إلى النقطة المحددة، أطلقت صواريخها على إحدى الآليات، والعناصر المجتمعة حولها، وأوقعتهم بين قتيل وجريح قبل أن تستكمل انقضاضها على الهدف المحدّد لها وإصابته بدقّة”. وبذلك، يكون العنوان: أوّل غارة لبنانية.
على منصات التواصل الإلكتروني كما في الشوارع والبيوت، دوّى صدى البيان الذي زفّ هذا العزّ: فرحٌ عارم عمّ القلوب، اعتزازُ الأهل بأبنائهم من رجال الله فاض في أرجاء الضاحية، تغلغل في نسمات جنوب المواجهة والقتال وبقاع الشجاعة والنّخوة، انسكب في بيوت بيروت المذخّرة بهوية المقاومة، وفاح من كلّ شبر تراب يسكنه قلب حرّ وعقل نظيف.. خبرٌ سطّر بكلمات قليلة هويّة لبنان، أرض المقاومة التي أُجهد الغرب وهو يحاول، مباشرة أو عبر أدواته التاريخية والمستجدة، تشويهها وتحويلها إلى تشكيل متصهين.. نعم، في 16 أيار/مايو 2024، تولّد من رحم المقاومة على جبهة الإسناد في لبنان مولود عزيز اسمه: أوّل غارة..
وكعادتهم، حاول الصهاينة إنكار العملية عبر المتحدث باسم الجيش الذي نفى الخبر، ولكن شاع في أوساط الإعلام الصهيوني ما مضمونه أنّ “حزب الله أعلن استخدام مسيّرة مسلّحة، والجيش نفى. لكنّ الحزب عندما يعلن شيئًا لا يكذب، وتتبيّن لاحقًا دقته”.. هذه الدقة سرعان ما تبيّنت بالفيديو الذي أصاب الكيان المعادي كلّه بالصدمة والذهول، ودفع بالمراسلين الصحفيين إلى التعبير عن نوع من خيبة عميقة: “الحدث مزعج وخطير ويجب أن يُحسب له حساب”.
إذًا، القوّة الجويّة ضربت.. كشفت عن مفاجأة من عيار ثقيل وجّه صفعة جديدة ومؤلمة إلى العدوّ بالكيفية التي لا يتوقّعها، ولا سيّما بعد أن تساقطت أعين تجسّسه تقنية بعد تقنية، وخرجت من حسابات الميدان أو كادت، واحدة تلو الأخرى: من كاميرات المراقبة عند الجدار والعواميد، إلى المسيًرات فالمناطيد.. ليتحوّل الصهيوني إلى “دبّ أعمى” يتلقى الصفعات فيشتد حنقًا وتوجّعًا.
وحين نقول “القوّة الجويّة” في المقاومة الإسلامية، هذا يعني أنّنا انتقلنا، أو نقلتنا هذه المسيّرة المباركة، على جناح مسيّراتها، إلى مرحلة مختلفة من الصراع: مرحلة تبلغ فيها مصاديق {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِنْ قُوَّة} مقامًا متقدّمًا وغير مسبوق من مسار الصّراع، فالغارة هذه هي الأولى شكلًا ونوعًا التي يتعرّض لها كيان العدوّ منذ العام 1973، أمّا بمعيار الثقل والتأثير والدّلالات، فهي مصداق “الرّوح لي بتقاتل”، ومصداق “الهدف واضح ومحدّد ودقيق: إزالة إسرائيل من الوجود”.
كذلك، حين نقول “القوّة الجويّة” في المقاومة الإسلامية في لبنان، كما كلّما زفّت إلينا البيانات المباركة عمليات المسيّرات الانقضاضية والهجومية والاستشهادية التي تقرّع عنجهية العدوّ وتمرّغ أنفه في التراب، كل نبضات القلوب تهتف أن السّلام على حسّان اللقيس في العلّيين.. السلام على شهداء هذه المسيرة المباركة منذ أن كان عتادها طلقات معدودة في جيب فتية حسينيين آمنوا بربّهم، منذ المعسكرات الأولى على أرض البقاع الأبيّ السخيّ الشّهم، منذ العمليات الأولى على أرض الجنوب المذخّرة بالدّم جيلًا بعد جيل.. السّلام على الشيخ راغب وعلى السيّد عباس.. والسّلام على العماد وجيش الشهداء العابرين والمنتظرين.. وسلام الله على سيّد حيدريّ حرّ يقود هذه المسيرة بيقينه، وبيقينه يأخذنا إلى النصر، وعدًا بعد وعد..
المصدر: العهد الخباري